من لم يمت بالزلزال مات بالبرد.. غضب ويأس وسط الأنقاض في تركيا وسوريا

مع مرو الوقت، بات أمل العثور على ناجين من تحت أنقاض المنازل، يتضاءل، إن لم يكن تلاشى

من لم يمت بالزلزال مات بالبرد.. غضب ويأس وسط الأنقاض في تركيا وسوريا

ترجمات - السياق

يتصاعد الإحباط في تركيا وسوريا، مع بطء الاستجابة للكارثة التي خلفها الزلزال الشديد الذي ضرب البلدين، الاثنين الماضي، وأسفر عن أكثر من 16 ألف قتيل ونحو 50 ألف مصاب، بخلاف تدمير مئات المنازل، بينما تأمل الأمم المتحدة إعادة فتح ممر المساعدات الوحيد الذي تشرف عليه إلى سوريا في أقرب وقت، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الغضب واليأس باتا شعار الأتراك والسوريين، مع ارتفاع عدد القتلى جراء الزلزال إلى أكثر من 65 ألفًا، حيث أعرب الناجون والسياسيون المعارضون عن إحباطهم من وتيرة استجابة الحكومة للكارثة.

ومع مرو الوقت، بات أمل العثور على ناجين يتضاءل، إن لم يكن تلاشى، مشيرة إلى أن الحرارة المنخفضة في البلدات والمدن التي سويت بالأرض جراء الزلازل، صعّبت أكثر عمليات الإنقاذ والإغاثة، حتى مع وصول فرق الإنقاذ الدولية إلى تركيا، بمعدات تقنية وكلاب إنقاذ، قادرة على اكتشاف رائحة البشر تحت الأنقاض.

 

أوضاع سيئة

ونقلت "واشنطن بوست" عن محمد فرحان خالد، قائد فريق الإنقاذ الباكستاني في مدينة أديامان -جنوبي شرق تركيا- المدمرة، قوله إن الوضع سيئ للغاية، وشبه الزلازل التركية بزلزال 2005 في كشمير الذي أودى بحياة عشرات الآلاف، مضيفًا: "مطلوب مزيد من عمال الإنقاذ والإغاثة".

وحسب الصحيفة، ارتفعت حصيلة قتلى الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، لتصل إلى قرابة 16 ألف شخص.

وقال مسؤولون إن أعداد القتلى في تركيا وحدها وصلت إلى 12873 شخصًا، إضافة إلى قرابة 3 آلاف قتيل في سوريا.

وبينما تستمر الجهود الرامية إلى انتشال العالقين تحت الأنقاض، قضى آلاف الأشخاص جنوبي تركيا وشمالي سوريا ثالث ليلة لهم في العراء.

وتسود مخاوف من أن عديد الناجين من الزلزال قد يفقدون حياتهم بسبب الطقس البارد.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه رغم أن مدى الكارثة قد لا يكون واضحًا لأسابيع، إلا أنه نظرًا لحجم الدمار، جرى تصنيف الزلزال بأنه "الكارثة الأكثر فتكًا بالعالم منذ أكثر من عقد".

بينما قالت وزارة الخارجية التركية، الأربعاء، إن ثلاثة أمريكيين على الأقل قُتلوا جنوبي شرق تركيا جراء الزلزال.

وخلال زيارة، الأربعاء، بالقرب من مركز الزلزال، حث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المواطنين على التحلي بالصبر، وتعهد بإعادة بناء العديد من البلدات والمدن المحطمة في غضون عام، وهو ما تراه الصحيفة صعبًا، خصوصًا أن أحدث تقدير حكومي بعدد المباني المنهارة تجاوز 6400 مبنى.

وأوضح أردوغان، أن الحكومة التركية ستقدم 10 آلاف ليرة تركية "530 دولارًا" لكل متضرر، رغم عدم وضوح الإطار الزمني ومعايير الأهلية لتلك المساعدة على الفور.

 

نقص الإعانات

وحيال أزمة نقص الإعانات، كشفت "واشنطن بوست" وقوع مشاجرات بين الناجين، جنوبي تركيا، بحثًا عن خيام وزعتها وكالات الإغاثة، مع تدافعهم للحصول على بطاطين، لمواجهة البرد القارس.

بينما تحاول العائلات التي فقدت أحباءها البحث بين الأنقاض بأيديهم، أملًا في العثور على ناجين جدد، وسط تلاشي الآمال، خصوصًا أن معدات البحث الثقيلة وصلت متأخرة جدًا، منذ وقوع الزلزال الاثنين الماضي.

ونقلت الصحيفة عن أحد الناجين من الزلزال بمدينة أديامان جنوبي شرق البلاد، قوله، إن منازل بعض الأقارب دُمرت، مضيفًا: "لا كهرباء... لا تدفئة... الجو ممطر وبارد جدًا... نحن ننام في الشوارع... وفي انتظار الخيام، لكن الوضع مروِّع".

وقالت مواطنة أخرى: "كان علينا أن نشرب الثلج المذاب، لأنه لم يكن هناك ماء في المدينة".

 

إيصال المساعدات

وعبر الحدود في سوريا، ذكرت الصحيفة الأمريكية، أن آثار ما بعد الحرب، التي تركت البلاد مقسمة إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة، ومناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة، أعاقت جهود الإنقاذ، في الوقت الذي أعرب فيه مسؤولو الأمم المتحدة عن أملهم باستئناف تسليم المساعدات الإنسانية، الخميس، عبر ممر تركي.

وقال مهند هادي، المنسق الإقليمي لوكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لسوريا: "نأمل أن نصل إلى الحدود التركية السورية قريبًا لإدخال المساعدات"، مضيفًا: "لدينا أمل بإمكانية الوصول إلى المتضررين".

وأوضح أن استئناف تسليم شحنات من المساعدات، عبر الحدود التركية إلى شمال غربي سوريا، قد يكون الخميس، بعد تعليقها إثر تداعيات الزلزال الذي ضرب البلدين هذا الأسبوع.

وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بسوريا، أفادت وسائل الإعلام الرسمية بقتل ما لا يقل عن 1262 شخصًا وإصابة 2285.

بينما أفاد عمال الإنقاذ شمالي غرب سوريا، الخاضع لسيطرة المعارضة في ساعة مبكرة من فجر الخميس، بقتل أكثر من 1900 شخص وإصابة 2950، وهو عدد يتوقعون أن يرتفع بشكل حاد في الأيام المقبلة، مع بقاء عديد العائلات تحت الأنقاض.

 

قرار مجنون

ووفقا لـ "واشنطن بوست"، فقد قُيد الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي تويتر وتيك توك لبعض المستخدمين الأتراك، الأربعاء، وهو ما فُهم أنه مقصود، لمنع انتشار مزيد من الصور عن المآسي التي يعيشها المواطنون على وسائل التواصل، وهو ما قد يضر بصورة وسمعة حكومة أردوغان، التي تستعد لانتخابات عامة في مايو المقبل.

وتحدثت مجموعة مراقبة الإنترنت "نت بلوكس" عن استعادة خدمات "تويتر" بعد أن التقى صُناع السياسة الأتراك مسؤولي الشبكة الاجتماعية.

ويواجه أردوغان انتخابات خلال مايو المقبل، وسيكون التعافي من الزلازل اختبارًا لقبضته على السلطة، التي استمرت عقدين من الزمن.

وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى قبل الزلازل، كانت البلاد تعاني ارتفاعًا تاريخيًا في معدلات التضخم، وصعوبات اقتصادية غير مسبوقة، أضعفت شعبية أردوغان بين الناخبين.

من جانبها، نددت ميرال أكسينر رئيسة حزب الخير -أحد أحزاب المعارضة التركية- بما وصفتها بالرقابة الواضحة على وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت كان يستخدمها المواطنون وسيلة حيوية لنقل الأخبار عن ضحايا الزلزال.

بينما في المقابل، عزا فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي، الانقطاع إلى مشكلات فنية، وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى لا تزال متاحة.

كانت الحكومة التركية فرضت قيودًا على "تويتر"، الأربعاء، ما أدى إلى احتجاج شعبي واسع النطاق، حيث كانت منصة التواصل الاجتماعي أداة رئيسة في تنسيق جهود الإنقاذ، وسط الدمار الناجم عن زلزالين ضربا جنوبي تركيا هذا الأسبوع.

ووصف زعيم المعارضة كمال كيليجدار أوغلو القرار بأنه "مجنون".

وانتقد علي باباجان، زعيم حزب ديفا، وهو فرع من الحزب الحاكم، القرار أيضًا، قائلاً إن استخدام خدمات الشبكة الخاصة الافتراضية (في بي إن) يستهلك بطاريات الهواتف الذكية بسرعة.

كان عديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الأتراك تحولوا إلى "في بي إن" للحفاظ على إخفاء هويتهم على الإنترنت العام، بينما أعلن كثيرون من مزودي خدمة "في بي إن" خدمة مجانية، لمساعدة المستخدمين الأتراك، في نشر مآسي الزلزال للعالم.