الإخوان في الهند.. هل ينجحون في استغلال التوترات العرقية لتعزيز وجودهم؟

تقول الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت، في تصريحات لـ السياق، إن تنظيم الإخوان، جنوب وشرق آسيا، يعمل على إثارة التوترات المذهبية والعرقية، استنادًا إلى طبيعة هذه المجتمعات المتنوعة عرقيًا، إلا أن الحكومة الهندية تحركت مبكرًا للحد من قوتها.

الإخوان في الهند.. هل ينجحون في استغلال التوترات العرقية لتعزيز وجودهم؟

السياق

من إفريقيا مرورًا بآسيا إلى أوروبا، لم تنج القارات الثلاث من تغلغل تنظيم الإخوان في بلدانها، بل إن التنظيم الإرهابي، حاول ربط مشروعه في تلك البلدان ببعضها، أملًا بإحياء مشروع الخلافة العابر للحدود.

إلا أن التنظيم، الذي أسس بنيانه على عدم الاعتراف بحدود البلدان أوطانًا، بات طريدًا لشعوب لفظته، وعاقبته على إرهابه وإرهاب فكره، بتصنيفه محظورًا، وبملاحقة أعضائه، ودخلت في مراحل التأسيس لما بعد «الإخوان»، التي رفعت شعار إصلاح ما أفسده التنظيم الإرهابي.

أحد تلك البلدان، التي لفظته مؤخرًا كانت الهند، التي أعلنت في سبتمبر الماضي، حظر «الجبهة الشعبية المتحدة» 5 سنوات، وهي المكون الرئيس لجماعة الإخوان في البلاد، على خلفية اتهامها بإثارة الفتنة والعداء بين شرائح المجتمع الهندي.

تحركات أعقبها اعتقال ما يزيد على 250 عضوًا بالجبهة، في ولايات عدة أبرزها كيرالا، التي تعد أحد أبرز معاقلها، بعد تورط بعض أعضائها في حادثة قطع رأس هندوسي.

 

هل يمكن أن يستغل التنظيم التوترات العرقية في الهند لتعزيز وجوده؟

قالت الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان، جنوب وشرق آسيا، يعمل على إثارة التوترات المذهبية والعرقية، استنادًا إلى طبيعة هذه المجتمعات المتنوعة عرقيًا، إلا أن الحكومة الهندية تحركت مبكرًا للحد من قوتها.

وأوضحت حكمت أن الإخوان في الهند، شأن جماعات الإسلام السياسي، تروج وتسعى إلى تأسيس «دولة إسلامية»، مشيرة إلى أن شبه القارة الهندية تعد منطقة جاذبة ومحفزة على هذا المخطط، بسبب قضية إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.

وأشارت إلى أهمية عدم فصل الإخوان عن التشابكات المعقدة مع الجماعات الإسلامية في باكستان، ودورها في بلورة أجندتها تجاه الهند، التي تتركز على دعم التوترات المذهبية والعرقية في البلد.

ذراع نشطة

بدوره، قال مدير مركز اللاعنف والسلام، الباحث في الجماعات الجهادية والحركات الإسلامية، الدكتور محمد صفر في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان في الهند يعد رديفًا لـ«الجماعة الإسلامية التقليدية» النشطة جدًا في باكستان، مشيرًا إلى أنه ظهر بشكل متأخر جنوب شرق آسيا.

وأوضح صفر، أن الجماعة الإسلامية التقليدية، التي تسمى «جماعة المودودي» نسبة إلى أبي الأعلى المودودي، تتقارب مع سيد قطب في كثير من الأطروحات، مثل الحاكمية والتعامل مع المجتمع الإسلامي، والنظرة إليه كمجتمع جاهل.

وبينما قال إن هناك تقاربًا فكريا بين المودودي وتنظيم الإخوان، إلا أنه قال إن هناك فرقًا بينهما، فالأولى لديها نفوذ قوي في باكستان وتعد منصة لها للانطلاق نحو شبه القارة الهندية وكذلك آسيا الوسطي، على عكس الإخوان ذات الوجود الضعيف، رغم محاولته الاستثمار في الأزمات الراهنة بالمجتمع الهندي، وحتى استغلال الخلاف بين المسلمين الهنود والباكستانيين.

وأشار إلى أنه رغم حظر بعض المؤسسات الإخوانية، فإنه لا يزال هناك حركة الطلاب المسلمين النشطة بالهند، التي بينها وبين الإخوان صلة كبيرة، مؤكدًا أن تنظيم الإخوان في الهند استثمر خطاب الحكومة اليمينية الهندوسية، وروج لأنها تسعى لانتهاك حقوق المسلمين الهنود.

إلا أن جموع المسلمين في الهند يتعاملون بـ«حنكة» كبيرة مع محاولات الإخوان إثارة العنف، خاصة مع إدراك أن أي عنف طائفي، من شأنه أن يؤدي إلى كارثة، بحسب مدير مركز اللاعنف والسلام.

 

كشمير في المشهد

وأشار إلى أن تنظيم الإخوان في الهند يحاول استغلال قضية كشمير كـ «قضية مسلمين وجودية» -على حد وصفه- مروجًا لأنها دولة إسلامية «محتلة» من الهند، أملًا بتلقي الدعم من باكستان، عبر التقرب من الجماعة الإسلامية هناك.

إلا أن باكستان لا تريد فتح الأبواب على مصراعيها أمام الجماعات الإسلامية، لما يمكن أن يؤدي إلى تحالفهم تحت مظلة واحدة والانقلاب على مؤسسات الدولة، بحسب صفر.

 

سياق تاريخي

من الناحية التاريخية، يرى الباحث الأفغاني، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نور الهدا فرزام السلام، في تصريحات لـ«السياق»، أن أساس الحركات الإسلامية في شبه القارة الهندية يرجع إلى تأسيس شركة الهند الشرقية من بريطانيا، لاستعمار شبه القارة الهندية.

وأوضح أن هذه النقطة كانت لحظة تأسيس الحركات الإسلامية، التي بدأت دعوية للحفاظ على المعتقد الديني الإسلامي، وانتهت بتأسيس جامعة إسلامية تحمي تراث المسلمين في البلاد.

وأشار إلى أن هذه الجامعة التي بدأت أنشطتها مع استقبال كثير من المسلمين للتعليم فيها، كان منهجها يعتمد على المذهب الحنفي فقهًا وكلامًا، إلا أن تيارات مختلفة انطلقت منها، كان أبرزها «الجماعة الإسلامية» بزعامة أبو الأعلى المودودي، قبل انفصال باكستان عن الهند وتشكيلها كدولة مستقلة في شبه القارة الهندية.

وأشار إلى أن سيد قطب تأثر بأفكار المودودي الفكرية في كتابه «معالم في الطريق»، ما تسبب في وصول أفكاره إلى مصر ومنها إلى أذرع الجماعة.

 

هل يمكن التنسيق بين الإخوان والقاعدة أو داعش؟

استعبد الدكتور صفر، وجود تنسيق بينهم في الوقت الراهن أو مستقبلًا، قائلًا إنهم قد يلتقون في إثارة بعض المشكلات بشكل غير منسق، إلا أن التعاون مستبعد تمامًا، إذ إن القاعدة وداعش لن يقبلا بالإخوان كـ «جماعة ضالة» لا يمكن الاتفاق معها.

بينما قال الباحث الأفغاني، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نور الهدى فرزام السلام، إنه أمر غير مستبعد، إذا أخذ في الاعتبار أنهم انطلقوا من القاعدة الفكرية المتشددة نفسها، وهي أفكار المودودي، وبذلك لا يمكن إنكار أرضية مشتركة بينهم.

وأكد أن أفكار الإخوان و«الجماعة الإسلامية» لها منابع موحدة، مشيرًا إلى أن آليات ومسارات تحركهم واحدة، إذ تركز على الشرائح الفقيرة كمنبع للتجنيد، فضلًا عن بناء ظهير شعبي قوي لهم.

وأشار إلى أنهم يرون أنفسهم مسؤولين عن المسلمين في شبه القارة الهندية، ما يفسر الوثيقة التي ظهرت عام 2022 وكشف مخططهم لإعلان دولة إسلامية في الهند.

وتتضمن الوثيقة، التي أعلنتها الشرطة الهندية، خطة الإخوان لتحويل الهند لدولة إسلامية، عام 2047، في ذكرى مرور 100 عام على استقلال البلاد.

وركزت الوثيقة على آليات ما سموه «إخضاع المجتمع الهندوسي بشكل انتقائي» أي عبر الاغتيالات السياسية، لإظهار قوة الإخوان وإرهاب خصومهم.