مواطنو الرايخ تضرب مجددًا في ألمانيا.. ماذا نعرف عن الحركة المتطرفة؟
بدأت الحركة نشاطها في الثمانينيات بعدد قليل من الأعضاء ومن دون قيادة، إلا أنه سرعان ما تزايد عدد أعضائها الذين يبلغ معدل أعمارهم 50 عاما، حتى باتت بالآلاف.

السياق
مداهمات ألمانية استهدفت ما تسمى حركة «مواطني الرايخ»، نكأت جراح ماض لم تندمل، وأعادت إلى الأذهان الاتهامات التي لاحقتها قبل أشهر، بالتخطيط لإطاحة الحكومة في انقلاب عسكري.
تلك الحركة التي تصدرت مساحات واسعة في الأعوام الأخيرة، يرفض أعضاؤها الاعتراف بألمانيا الحديثة، بينما تتهمهم السلطات بتنفيذ أعمال عنف واعتناق أفكار عنصرية ونظريات مؤامرة.
فماذا حدث؟
السلطات الألمانية قالت إن محققين ألمانًا نفذوا مداهمات على صلة بحركة يمينية متطرفة، الأربعاء، مشيرة إلى أن تلك الحركة أطلقت النار على ضابط شرطة، خلال إحدى عمليات التفتيش.
وغرد وزير العدل الألماني ماركو بوشمان قائلًا، إن المدعين الفيدراليين أمروا بتفتيش 20 عقارًا، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة مرتبطة بحركة «مواطني الريخ»، وهي مجموعة ينكر أنصارها شرعية الدستور الألماني والحكومة، ويزعمون بدلاً من ذلك أن الامبراطورية الألمانية، أو الرايخ، لعام 1871 ما زالت موجودة.
وقال بوشمان إن حادث إطلاق النار «يظهر خطورة عمليات انتشار تلك الحركة»، مشيرًا إلى أن «السلطات ملزمة بنزع سلاح مواطني الرايخ».
وأكد المدعون الفدراليون إطلاق رصاص، خلال عملية بحث في بلدة ريوتلنجن جنوبي غرب البلاد، مشيرين إلى اعتقال شخص، بعد إصابة أحد أفراد القوات الخاصة بالشرطة بجروح طفيفة.
ماذا عن «مواطني الريخ»؟
لا يوجد كيان محدد اسمه «مواطنو الرايخ»، لكنهم مجموعة غير متجانسة من الألمان، يجمعهم رفض جمهورية ألمانيا ونظامها الديمقراطي الأساسي.
بدأت الحركة نشاطها في الثمانينيات بعدد قليل من الأعضاء ومن دون قيادة، إلا أنه سرعان ما تزايد عدد أعضائها الذين يبلغ معدل أعمارهم 50 عاما، حتى باتت بالآلاف.
وبينما يعد الرجال الجنس المهيمن على الحركة، التي يعاني أعضاؤها مشكلات مالية واجتماعية، فإنها تتشكل من جناحين، مدني يمثل قيادة التنظيم، وعسكري يسعى لإقامة جيش ألماني موازٍ للقوات المسلحة الألمانية.
ولا تعترف الحركة بالحدود الألمانية الحالية، بل إن بعض أعضائها يشيرون إلى استمرار الامبراطورية الألمانية بحدودها التي تعود إلى عام 1871، وينظرون إلى ألمانيا بدستورها الحالي، ككيان إداري يحكمه الحلفاء الغربيون، الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية، بحسب الإذاعة الألمانية.
ورغم ذلك، فإن عددًا من أعضاء الحركة ينأى بنفسه عن تلك الجمهورية الاتحادية، محاولًا إقامة «دولته الخاصة» بقوانينها التي تتعارض مع الدستور المعمول به في ألمانيا.
ولا يحمل أعضاء الحركة جوازات السفر ولا الوثائق الرسمية، بل يصدرون وثائقهم الخاصة مثل البطاقة الشخصية وجواز السفر ورخصة القيادة، إلا أنها غير معترف بها داخل البلد الأوربي.
ويرتكز فكر الحركة على معاداة السامية، والعنصرية تجاه الأعراق والمعتقدات الدينية، متخيلة نفسها أنها تعيش في منطقة يهيمن عليها الألمان "البيض".
ما يوحد حركة «مواطني الريخ» أنهم جميعًا ضد الديمقراطية، وكارهون للأجانب وغالبًا ما يكونون عنصريين، ويمكن أن يكونوا عنيفين. ومن الصعب تحديد عدد أعضاء المجموعة في ألمانيا، لأنهم لا يعدون منظمين.
بدأت الحركة في الثمانينيات وفي العقد الأخير، دخلت أكثر في وعي الجمهور الألماني ولفتت انتباه السلطات الأمنية، ويرجع ذلك إلى العثور على مزيد من الأسلحة في الحوادث وغيرها من الإجراءات، مثل رفض سيطرة الشرطة في الأحداث.
يخضع عديد من الأعضاء للمراقبة من المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، وهو إدارة تابعة لوكالة المخابرات الداخلية الألمانية.
وأعلنت مجموعات عدة عن دول صغيرة خاصة بها، مثل "حكومة المنفى للرايخ الألماني"أو "دولة بروسيا الحرة"، وصنعت الأعلام وأصدرت أوراق الهوية والعملات والطوابع البريدية الخاصة بها.
هل هم نازيون جدد؟
من المعروف أن جماعات داخل الحركة لها صلات مباشرة بمنظمات نازية جديدة غير قانونية، وتخضع لمراقبة وكالات المخابرات الحكومية والفيدرالية الألمانية.
يصف جهاز الأمن في برلين "مواطني الريخ" بأنهم يتبعون "مزيجًا أيديولوجيًا من نظريات المؤامرة والآراء المعادية للسامية والمعادية للديمقراطية"..
وتحذر مؤسسة أماديو أنطونيو المناهضة للفاشية من أن «وراء تنكر نظريات المؤامرة والباطنية ولعب الحكومة تطرفًا يمينيًا متشددًا وأيديولوجية مناهضة للإنسانية".
أحد أشهر "الرايخسبورغر" في ألمانيا، هو منكر الهولوكوست سيئ السمعة هورست ماهلر، الذي شارك في تأسيس مجموعة فصيل الجيش الأحمر اليساري الراديكالي في السبعينيات، قبل أن يتأرجح إلى أقصى اليمين ويصبح نازيًا جديدًا.
كم عددهم؟
منذ الثمانينيات تقريبًا، مع وجود روابط بمجموعات متشابهة الفكر في الولايات المتحدة، قُدِّر عدد الحركة بمئات منذ فترة طويلة، لكنها نمت بشكل كبير في عصر الإنترنت، خاصة في السنوات الماضية، ومن بين هؤلاء، هناك قرابة 700 من المتطرفين اليمينيين المعروفين.
كانت هيئة حماية الدستور في ألمانيا، قدرت عام 2021، عدد أعضاء حركة "مواطني الرايخ" بـ21 ألفًا، 5% منهم ضمن اليمينيين المتطرفين المستعدين لاستخدام العنف.
وبحسب تقرير هيئة حماية الدستور، فإن الحركة لها صلة بالسلاح، وهو ما أثبته العثور على كميات كبيرة من الأسلحة خلال عمليات المداهمة، مشيرة إلى أن السلطات الأمنية تحاول منذ عام 2016 تجريد أفراد الحركة من السلاح، بعد أن أطلق أحد أفراد الحركة النار على شرطي.
عمليات سابقة
إلا أن نقطة التحول، كانت في ديسمبر 2022، بعد أن نفذت السلطات الألمانية عمليات مداهمة واسعة، اكتشفت خلالها أن مجموعة مسلحة تنتمي لحركة «مواطني الرايخ»، يرجح أنها كانت تخطط لإسقاط الدولة الألمانية.
وبحسب تقارير صحفية، فإن المشتبه بهم كانوا يريدون تنصيب الأمير هاينريش الثالث عشر، 71 عامًا، الذي يتحدر من إحدى أسر النبلاء الألمانية القديمة، كزعيم جديد للبلاد.
ومنذ ذلك الحين فإن هناك جدلًا واسعًا بشأن الحركة، خاصة أن بين من ألقي القبض عليهم في تلك المجموعة، ضابطًا سابقًا في الجيش الألماني من القوات الخاصة، وبرلمانية سابقة في البوندستاغ من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، بحسب "دويتشه فيله".
ويشارك جزء من حركة «مواطني الرايخ» في العداء للنظام الديمقراطي الأساسي في جمهورية ألمانيا الاتحادية، ما دفعها إلى لقاء مع بداية وباء كورونا مع المؤمنين بأيديولوجية المؤامرة من أصحاب «التفكير الجانبي".
واقتحم مئات المحتجين ضد إجراءات مكافحة كورونا، وبينهم أعضاء من حركة «مواطني الرايخ» درج مبنى البرلمان الألماني وحاولوا دخوله.
ونهاية أغسطس 2020 شارك نحو 40 ألف شخص في احتجاجات ضد إجراءات مكافحة كورونا في برلين، واستطاع نحو 400 شخص من المحتجين تجاوز حواجز الشرطة واقتحام درج مبني البرلمان، حيث رفع بعضهم أعلام الإمبراطورية بألوانها الأسود والأبيض والأحمر.
ويخضع أشخاص محددون ومجموعات من حركة التفكير الجانبي منذ أبريل2021، لرقابة هيئة حماية الدستور أي المخابرات الداخلية، وفي محاولة من المخابرات الداخلية لتصنيف الحركة الاحتجاجية ضد إجراءات كورونا وجماعاتها المختلفة بشكل أفضل، أنشأت عام 2021 تصنيفًا جديدًا عنوانه غير الرسمي «الحماية الدستورية المتصلة بنزع شرعية الدولة".