فوضى في الطريق وشغور رئاسي ممتد.. ماذا يعني ترشيح حزب الله فرنجية رئيسًا؟
انفراجة أم أزمة جديدة... ماذا يعني ترشيح حزب الله فرنجية رئيسًا؟

السياق
رغم مرور قرابة 5 أشهر على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فإن الفرقاء السياسيين فشلوا في التوافق على مرشح لرئاسة لبنان، لتكون الكلمة العليا في 11 جلسة برلمانية للتصويت لـ«الورقة البيضاء».
تلك الورقة التي اكتسحت مرشحين بارزين ومدعومين على مدى 11 جلسة عقدها البرلمان لانتخاب رئيس للبنان، كان آخرها في 19 يناير الماضي، بتصدرها النتائج بـ37 صوتًا مقابل 34 صوتًا للمرشح البارز الوحيد ميشال معوض.
وبعد قرابة شهرين من الصمت، الذي قطعه اجتماع باريس الخماسي بشأن لبنان، الشهر الماضي، ووسط مناقشات لم تتوقف يومًا داخل أروقة الغرف المغلقة، ألقى حزب الله حجرًا في مياه الشغور الرئاسي الراكدة، بإعلانه -قبل يومين- دعمه ترشيح النائب والوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في كلمة ألقاها الاثنين، خلال احتفال حزبي، دعم حزبه ترشيح النائب والوزير السابق سليمان فرنجية، في الانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلى أن دعم حزب الله لترشيح الوزير سليمان فرنجية، لا يعني التخلي عن تفاهم مار مخايل أو الانسحاب منه.
وبينما قال إن لبنان يحتاج إلى التهدئة والحوار والتواصل «وإلا يجب أن نتعايش مع الفراغ الرئاسي»، أكد أن المواصفات التي نأخذها في الاعتبار موجودة في شخص سليمان فرنجية.
موقف القوى السياسية
تباينت مواقف القوى السياسية في لبنان، بشأن دعم حزب الله ترشيح سليمان فرنجية رئيسًا، إذ رأى فريق الترشيح انقلابًا على اتفاقات بينه وبين حزب الله، مشيرين إلى أن الخطوة من شأنها تأزيم الأمور وقيادة البلد نحو مزيد من الفراغ الرئاسي.
ويرى فريق آخر أن دعم حزب الله لفرنجية رئيسًا، ليس بالمفاجئ، مشيرين إلى أن الخطوة قد تقود إلى حلحلة في الملف الذي طال أمد شغوره أكثر من 5 أشهر، ما أثر بشكل كبير في ملفات عدة.
حزب القوات اللبنانية، الذي يعد الكتلة النيابية الأكبر بمجلس النواب، قال إن دعم حزب الله لسليمان فرنجية رئيسًا، يعد انتقالًا إلى مرحلة الانسداد السياسي، خاصة بعد انعدام فرص وصول المرشح الذي يدعمه الحزب إلى سدة الحكم.
وقال رئيس جهاز التنشئة السياسية في حزب القوات اللبنانية شربل عيد، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن حزبه يرفض ترشيح فرنجية وأي شخص يعمل وفق إرادة حزب الله.
إلا أن التيار الوطني الحر -حليف حزب الله الذي ناصب فرنجية الخصومة السياسية- كان يستشعر أن حليفه سيدعم زعيم تيار المردة في انتخابات ما بعد ولاية الرئيس عون.
تلك الاستنتاجات بدت واضحة لدى التيار الوطني الحر، خاصة بعد أن أطلق حسن نصر الله معادلة «هذه عين وهذه عين»، حينما كان يفاضل بين دعم عون وفرنجية عام 2016.
ويقول أحد قياديي حزب التيار الوطني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الموقف الأخير لـ«حزب الله» متوقع، مشيرًا إلى أنه كان من الواضح أن أحد التوجهات الأساسية لحركة أمل وحزب الله في اتجاه فرنجية.
وأشار إلى أن لبنان أمام اصطفافين لا يلتقيان: الأول خلف المرشح ميشال معوض، والآخر خلف فرنجية، مؤكدًا أن هذين الاصطفافين لا يمكن التقريب بينهما.
وطالب القيادي في الحزب، الذي رفض كشف هويته، الحلفاء والخصوم، بضرورة العمل على الخط الثالث، لمحاولة الاتفاق على أسماء للوصول إلى اسم تتوافق عليه أغلبية القوى السياسية، للخروج من الحالة السيئة، التي يعانيها لبنان اقتصادياً ومعيشياً، إذ حذر من إمكانية أن تكون لها تداعيات أمنية.
بدوره، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني، في تصريحات صحفية، إن إعلان الثنائي حركة أمل وحزب الله دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجيه للرئاسة ليس بالخطوة المفاجئة، لكن من شأنه تحريك ملف الانتخابات الرئاسية.
وأوضح السياسي اللبناني، أن «الأخطر في هذا التطور ربط حصول جلسات الانتخاب بجاهزية الفريق الذي يتحكم بأبواب مجلس النواب، ما يجعل البرلمان أداة لفريق سياسي واحد، وهذا أمر خطير في أي ديمقراطية».
وأشار إلى أن مرشح الثنائي (فرنجية) لا يحظى بالأكثرية المطلوبة، ما يجعل إحراز تقدم كبير في مسار الاستحقاق، أمرًا بعيد المنال.
عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون، رفض وضع عدم تأييد مرشح الثنائي الوزير السابق سليمان فرنجية في إطار المواجهة، مشددًا على وجوب التعامل مع أي تطور في هذا الملف بإيجابية.
وأوضح السياسي اللبناني، أنه «لا نية لدى التيار حتى الساعة بتعطيل نصاب الجلسات (...) نحن نشارك في الجلسة الأولى ونسعى لدعم مرشح يحظى بأغلبية النصف زائد واحد، لكن حتى الساعة، لا يوجد أي مرشح يحظى بهذه الأكثرية».
وأشار إلى أن «التيار كان يسعى إلى التلاقي مع أكبر عدد من الكتل، لتأمين مرشح يحظى بتأييد خمسة وستين نائبًا، بينما لا تزال مساعيه منكبة في هذا المسار لتحقيق التواصل مع مختلف القوى».
خياران أمام لبنان
رأى البرلماني اللبناني عماد الحوت، أن من المؤسف تعامل القوى السياسية مع الاستحقاق، على أنه وسيلة للضغط والضغط المضاد، لتحصيل مكتسبات آنية أو ذاتية، في حين أن المواطن يئن تحت وطأة الأزمة.
وأوضح البرلماني اللبناني أنه رغم أن طرح الفرقاء السياسيين أسماء مرشحين خطوة مهمة، فإنها ليست كافية، مطالبًا المرشحين بعرض برامجهم ورؤيتهم، حتى يتمكن النواب من الاختيار بناءً على معايير واضحة.
وأشار إلى أن لبنان أمام خيارين، إما انتظار كلمة سر قد يطول انتظارها وهو خيار «خاطئ»، لأن الخارج يعمل وفق أجندته ومصالحه وليس مصلحة لبنان، بينما الخيار الثاني يتمثل في أن يحصل حوار ثنائي أو جماعي بين مكونات المجلس بشأن معايير الاختيار، ومن ثم اختيار مجموعة أسماء تتوافر فيها هذه المعايير وصولاً إلى أوسع تفاهم، يمكن أن يتيح تأمين نصاب انعقاد الجلسة وإنجاز الانتخاب.
ماذا يعني ترشيح سليمان فرنجية؟
موقف حزب الله الموالي لإيران، اصطدم بحليفه التيار الوطني الحر الذي أعلن رفضه القاطع لترشح فرنجية، ما يعني أن هناك مواجهة مقبلة بين حسن نصرالله وحليفه، قد تؤدي إلى مزيد من التأزيم في المشهد السياسي اللبناني، وقد تعيد تشكيل التحالفات على الساحة السياسية.
ورغم ذلك فإن الإعلان كان يحمل في طياته رسائل عدة وجهها نصرالله، لحلفاء الأمس وخصوم اليوم، الأولى كانت لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تفيد بأن حزب الله ماضٍ في مشروعه مع فرنجية بلا تراجع.
مضي حزب الله قدمًا، يعني نسف اتفاق مار مخايل والتحالف القائم بين الحزب والتيار الوطني الحر، رغم تأكيد الحرص على تطويره، بحسب تقارير محلية.
رسائل حزب الله لم تكن لحلفائه فقط، بل كانت موجهة إلى المعارضة، وتضمن محتواها أن حزب الله له مرشح على الأرض، ما يعني أن زمن التصويت بالورقة البيضاء قد ولى.
ليس هذا فحسب، بل إن حزب الله قد يتجه إلى التصعيد، لدعم إيصال فرنجية إلى سد الرئاسة، أو التخلي عن ترشحه، مقابل تسويات لن تكون مجانية، بحسب مراقبين.
ورغم مطالبة الأطراف السياسية في لبنان، بعدم التعويل على الخارج، فإن ترشيح حزب الله لفرنجية، يعني أن إيران لا تريد إنجاز الاستحقاق في لبنان، خاصة أنها تتخذ منه رهينة، ونوعًا من المساومة لتحقيق بعض مطالبها.
هل يعد فرنجية مرشح حزب الله؟
رغم إعلان حسن نصر الله، دعم حزب الله لترشيح فرنجية رئيسًا للبنان، فإن ذلك لا يعني أن زعيم تيار المردة مرشح الحزب، بحسب عضو تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات)، النائب غياث يزبك.
وأوضح يزبك، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن «حسن نصرالله دعم سليمان فرنجية، إلا أنه لم يقل إنه مرشح الحزب، بل المرشح المدعوم من الحزب»، ما يعني أن حزب الله يحاول تمرير اسم فرنجية «ضمن معادلة السجال السياسي القائم»، والمناورة على تحقيق مكاسب مقابل استمرار دعم أو التنازل عن ذلك.
إلا أن «محاولة حزب الله تعد يائسة»، بحسب السياسي اللبناني الذي قال: «بشكلٍ جازم، انتقل حزب الله بعد هذا الترشيح إلى مرحلة الانسداد السياسي، لاسيما مع انعدام فرص وصول فرنجية».
تأثير عدم التوافق
بحسب مراقبين، فإن التصعيد بين القوى السياسية وعدم توافقها على مرشح لرئاسة لبنان، ينهي الشغور الممتد منذ خمسة أشهر، يُنذران بأن الأسوأ لم يحن، وأن مزيدًا من الفوضى في انتظار لبنان، المأزوم اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا.
وأوضح المراقبون، أن ملف الكهرباء عاد إلى الواجهة، خاصة بعد اقتراب نفاد كميات الوقود اللازمة لتشغيل المحطات، بينما مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة عن تأمين الموارد اللازمة لاستيراد كميات جديدة من الوقود.
وحذر مراقبون من أن الظلام الدامس في طريقه إلى لبنان، مع نفاد كميات الوقود الحالية، مطالبين بضرورة تحرك القوى السياسية لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، ما ينعكس بدوره على الأوضاع في لبنان.