تعديلات قانون القضاء في إسرائيل.. هل انقلاب على الديمقراطية؟

عندما سُئل أعضاء التحالف، عما قد يمنع هذه السيناريوهات، ويحمي حقوق الأقليات، أجاب أعضاء التحالف، في الواقع: حسن نيتنا... ثقوا بنا.

تعديلات قانون القضاء في إسرائيل.. هل انقلاب على الديمقراطية؟

ترجمات - السياق

قال الكاتب، يوفال نوح هراري، إن اتجاه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى تنفيذ ما تسميها إصلاحات في الجهاز القضائي، ليس إصلاحًا قضائيًا، بل أقرب إلى انقلاب مناهض للديمقراطية. 

وأضاف الكاتب، في مقال لموقع يديعوت أحرنوت الإسرائيلي، إن ائتلاف الحكومة اليميني المتطرف، الذي وصل إلى السلطة قبل أقل من شهرين، يشرِّع -بسرعة فائقة- قوانين مثيرة للجدل، تعني شيئًا واحدًا بسيطًا أن تكون للحكومة سلطة إصدار أي قانون تريده. 

وأشار إلى أنها تريد تفسير القوانين القائمة بالطريقة التي تراها، من دون ضوابط على سلطتها، ولا حماية لحقوق الأقليات.

في معظم الديمقراطيات، يكون فحص سلطة الحكومة وحماية حقوق الأقليات بعدد من الآليات، مثل الدستور والمحكمة العليا المستقلة والنظام الفيدرالي والاعتراف بالمحاكم الدولية، لكن لن يطبق أي من هذه الآليات، في النظام القانوني الإسرائيلي المقترح.

الحكومة في خطابها، لا تتبرأ من الديمقراطية، مثلما يفعل اليمين المتطرف في أي مكان، حيث تدعي أنها أكثر ديمقراطية من منتقديها،  لكن ذلك يعتمد على تعريف ضيق للديمقراطية، مع التركيز على الأغلبية الانتخابية، وفي الواقع مساواة الديمقراطية بديكتاتورية الأغلبية غير المقيدة.

 في ظل النظام القانوني الجديد، ليس من الواضح ما الذي يمنع الحكومة الحالية أو الحكومة المستقبلية من إصدار قوانين، على سبيل المثال، تغلق صحف المعارضة، وتحرم العمال من حق الإضراب، وإلغاء الحرية الأكاديمية، وتجريم المثلية الجنسية، وتجريم الأحزاب العربية.

أو أن يحرم المواطنون العرب من حق التصويت، أو -ربما الأهم- تغيير النظام الانتخابي نفسه، بطريقة تضمن السيطرة على السلطة.

عندما سُئل أعضاء التحالف، عما قد يمنع هذه السيناريوهات، ويحمي حقوق الأقليات، ويحمي حتى أغلبية المواطنين من إساءة استخدام الحكومة للسلطة، أجاب أعضاء التحالف، في الواقع: "حسن نيتنا... ثقوا بنا ".

هذه إجابة مخيفة، مألوفة في التاريخ لضحايا كل طاغية أو عصابات أو زوج مسيء. يقول الدكتاتوريون دائمًا: "ثقوا بنا، سنحميكم، لكن احرص على ألا تفقد حسن نيتنا، أليس كذلك؟". 

إذا صادف أن قابلت أي شخص يصف الانقلاب المعادي للديمقراطية في إسرائيل، بأنه إصلاح ديمقراطي حميد، فهناك سؤال واحد يجب أن تسأله: "اشرح لي: ما الآلية التي تحد من سلطة الحكومة في ظل النظام الجديد؟ هل هناك شيء واحد لن يسمح للحكومة بفعله؟

في الواقع، عندما كان التشريع الجديد قيد المناقشة في الكنيست، بث عضو الائتلاف ألموغ كوهين من حزب "القوة اليهودية'' النقاش على الهواء مباشرة، أثناء الإدلاء بتعليقات عنصرية على أعضاء الأحزاب العربية، ومقارنتهم بالوحوش. 

إلى أي مدى يمكن للعرب والأقليات الأخرى، أن يعهدوا بحقوقهم الإنسانية الأساسية إلى النيات الحسنة لأشخاص مثل كوهين؟  

كل هذه التطورات مع ضخامة التهديد، أدت إلى ظهور حركة مقاومة قوية، حتى أجزاء من قطاع التكنولوجيا في إسرائيل، المحرك الاقتصادي للدولة الناشئة، أعلن حالة الطوارئ، ما منح الموظفين إجازة للانضمام إلى الاحتجاجات في شوارع تل أبيب والقدس. 

و مع ذعر المستثمرين الدوليين وفرار مليارات الدولارات من البلاد، يعلم أباطرة التكنولوجيا أنه بلا قضاء مستقل ومجتمع ديمقراطي، فإن صناعتهم في خطر. 

لكن السؤال الأهم: إذا فشلت حركة المقاومة، كيف تبدو إسرائيل غير الليبرالية غير الديمقراطية؟  كثيرون من الناس في إسرائيل وأماكن أخرى يقارنونها بالمجر، خاصة أن النظام الهنغاري لديه علاقات وثيقة جدًا بالنظام الإسرائيلي الجديد، لكن إسرائيل غير الديمقراطية لن تكون مثل المجر.

أولاً، لا تزال المجر عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وتريد أن تظل كذلك، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي يفرض على المؤسسات والقوانين قيودًا تتجاوز  ما يفعله النظام الهنغاري، لكن  إسرائيل ليست جزءًا من أي اتحاد من هذا القبيل، ولن تكون هناك قيود مماثلة على سلطات وطموحات النظام الإسرائيلي الجديد. 

ثانيًا، تحكم حكومة المجر المجريين، في المقابل، تحكم إسرائيل ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. 

ورغم سوء معاملة الحكومات الإسرائيلية الديمقراطية للفلسطينيين، من المرجح أن يزداد الوضع سوءًا، بعد تدمير الديمقراطية الإسرائيلية. 

ثالثًا، يشيخ السكان المجريون، ويحظى النظام المجري بدعم من كبار السن المحافظين، الذين قد يرغبون في اتباع زعيم قوي، لكن لديهم القليل من الشهية للعنف. 

يوجد في إسرائيل مجموعة كبيرة من الراديكاليين الشباب، وعديد منهم لديهم خبرة عسكرية. 

رابعًا، المجر قوة عسكرية غير ذات أهمية، ولا تواجه أي تهديدات خارجية خطيرة. 

بينما إسرائيل قوة عظمى، تقود آلة عسكرية هائلة، تشمل ترسانة نووية وأسلحة إلكترونية متطورة، يمكنها ضرب أي مكان في العالم.  مع إحساس عميق بانعدام الأمن الوجودي، خاصة بين اليمين المتطرف. 

أضف الى هذه العوامل الأربعة، أن إسرائيل غير الديمقراطية ستشكل -على الأرجح- تحديًا مختلفًا تمامًا عن المجر. 

إذا نجح الانقلاب المعادي للديمقراطية في إسرائيل، سوف يجبر أصدقاء إسرائيل في العالم، والجاليات اليهودية في كل مكان، وقبل كل شيء الإسرائيليين، على خيارات صعبة.

إذا كان من الممكن أن أنهي حديثي بملاحظة شخصية، فأنا لم أفكر بجدية في مغادرة إسرائيل. 

ورغم أن هناك مشكلات عدة، وتلقي دعوات من مختلف الجامعات ومراكز الأبحاث في العالم، فقد اعتقدت أنه من الأهمية بمكان البقاء ومحاولة تغيير الأشياء، بدلاً من المغادرة إلى مكان أكثر هدوءًا وأمانًا. 

ولكن بما أن وظيفتي هي التفكير وقول أشياء لا تحبها الأغلبية في كثير من الأحيان، فأنا أشك في ما إذا كان بإمكاني الاستمرار في العمل في مكان يفتقر إلى أي حماية لحقوق الأقليات ولحرية التعبير.