شهر الأزمات ينتهي باستقالة حكومة الكويت... ما أسباب الخلافات بين البرلمان والوزراء؟

خلال الأسبوعين الماضيين، فجر اقتراح برلماني يقضي بشراء الحكومة لقروض المواطنين وقوانين شعبية أخرى، الخلاف بين الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح نجل الأمير، والبرلمان الذي انتخب في 29 سبتمبر الماضي.

شهر الأزمات ينتهي باستقالة حكومة الكويت... ما أسباب الخلافات بين البرلمان والوزراء؟

السياق

تحت وطأة الخلافات السياسية والتناحر بين الحكومة الكويتية والبرلمان، التي أنهت ثلاثة أشهر من الوئام النادر، كانت الاستقالة عنوان الفصل الأخير من تلك الأزمة.

وبحسب صحيفة "القبس"، فإن الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رفعت باستقالتها إلى الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد خلافات مع مجلس الأمة، تصاعدت وتيرتها خلال الأسبوعين الماضيين، بعد أن أصر طرفاه على موقفهما، وسط غياب لأية حلول، من شأنها التمهيد لفض ذلك الاشتباك.

فما قصة الخلاف بين الحكومة والبرلمان؟

خلال الأسبوعين الماضيين، فجر اقتراح برلماني يقضي بشراء الحكومة لقروض المواطنين وقوانين شعبية أخرى، الخلاف بين الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح نجل الأمير، والبرلمان الذي انتخب في 29 سبتمبر الماضي.

وبينما رأت الحكومة المقترح مكلفًا ماليا، طلبت تأجيل مناقشة هذه الموضوعات، وقررت الانسحاب من جلسة البرلمان في 10 يناير الجاري، ما أثار غضب النواب.

وتقدم نائب باستجواب لوزير المالية، يتهمه فيه بالإضرار بالمال العام، كما تقدمت نائبة باستجواب آخر لنائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، متهمة إياه بالفشل بمهمته في التنسيق بين الحكومة والبرلمان، وإساءة استخدام السلطة بمنح معاشات استثنائية للوزراء، وتلك التهم ينفيها الوزيران.

وقال مصدر مسؤول لصحيفة القبس الكويتية، إن الحكومة تتمسك بموقفها من الأزمة الأخيرة بشأن القوانين الشعبية، مضيفًا أن «الحكومة الكويتية شددت على موقفها بشأن إعادة تقارير اللجنة المالية إلى اللجان من دون تعهدات للنواب».

المصدر الكويتي الذي رفض كشف هويته، أكد أن الحكومة تصر على سحب الاستجوابين المدرجين على جلسة الثلاثاء المقبل، الموجهين إلى وزير المالية عبدالوهاب الرشيد ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان.

 

تحذيرات برلمانية

في المقابل، حذر النواب الكويتيون الحكومة من تجاوز الأطر الدستورية واللائحية، في التعامل مع جلسات مجلس الأمة وأدواته الرقابية، مشددين على رفضهم ما وصفوها بمحاولة تعطيل مجلس الأمة.

ورأى النواب، أن إصرار الحكومة على سحب الاستجوابين ورفضها للمقترح ستكون تكلفتهما عالية، وسيدخلان البلاد في نفق مظلم، وسيكونان مفترق طرق بين المجلس والحكومة.

وصعد البرلمان لهجته، بتصريحات أطلقها على لسان مقرر اللجنة المالية البرلمانية النائب صالح عاشور، الذي قال إن اللجنة لن تسحب قوانين شراء المديونيات ورفع رواتب المتقاعدين وإلغاء الفوائد غير القانونية، مشترطًا التزام الحكومة بحضور جلسة مجلس الأمة، والتعهد بالالتزام بالمطالب الشعبية.

ووجَّه عاشور رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، قائلًا، إن «الإعلان غير المباشر من خلال مصدر وزاري، بعدم حضور جلسات المجلس، مخالفة لخطاب ولي العهد وخطابك، بالالتزام بالدستور واللائحة».

 

تصعيد السقف

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن رئيس اللجنة المالية النائب شعيب المويزري، رفع سقف شروط سحب تقارير اللجنة، مطالبًا الحكومة بتقديم بدائل عادلة بشكل رسمي، لزيادة الرواتب ومعاشات المتقاعدين والمساعدات الاجتماعية للكويتيات المطلقات والأرامل، بشرط أن يقبلها ويرضى بها الشعب الكويتي، إضافة إلى «إلغاء فوائد الاستبدال الفاحشة».

ورغم تلك الشروط التي وُصفت بـ«التعجيزية»، فإن البرلماني الكويتي مبارك الحجرف، رفض تأجيل أو سحب الاستجواب الذي وجَّهه إلى وزير المالية عبدالوهاب الرشيد، مؤكدًا أنه لن يقبل بخلط الأوراق، وسيواصل دوره بشفافية.

البرلماني الكويتي قال في تصريحات صحفية، إنه لن يقبل إلا بصعود الوزير إلى المنصة وتفنيد محاور الاستجواب، وكشف الحقائق للشعب الكويتي عما «ارتُكب من جرائم بحق المال العام والاستثمارات وحقوق المشتركين في التأمينات الاجتماعية من المتقاعدين»، على حد قوله.

وأكد البرلماني الكويتي، أنه «لا سحب ولا تأجيل للاستجواب الذي استَنفد مدته الدستورية»، مضيفًا: «لسنا ممن يشترط عليهم سحب الاستجوابات، بل يشترطون على غيرنا، نحن مؤتمنون وأقسمنا بالذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله».

 

ما علاقة العفو الأميري بالأزمة؟

تأتي تلك الاستقالة بعد أيام من إصدار أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح –الأربعاء- عفوًا جديدًا عن عشرات المدانين الكويتيين بأحكام قضائية، بسبب انتقادات وجَّهوها لمسؤولين أو دول أخرى.

ذلك العفو الذي شمل 34 مدانًا، بعضهم في السجون وبعضهم خارج البلاد، وتتعلق أغلبية قضاياهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتوجيه انتقادات من خلالها، أكدت الحكومة في بيانها بشأنه ثقتها «أن هذه الخطوة من شأنها تهيئة الأجواء نحو تعاون مثمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية».

وعن ذلك العفو وعلاقته بالأزمة الحالية بين الحكومة والبرلمان، قال أستاذ القانون في كلية القانون الكويتية العالمية، الدكتور يوسف الحربش، إنه رسالة للحكومة ومجلس الأمة، بضرورة التهدئة وحل الخلافات السياسية، وتغليب روح التسامح والسعي للبناء والتنمية.

بينما قال الدكتور غانم النجار أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت في تصريحات صحفية، إن «خطوة العفو لن يكون لها أثر كبير في حالة الانسداد السياسي المزمنة، لأن الأزمة في البلاد هيكلية ومرتبطة بالخلل في موازين القوى داخل النظام السياسي»، في تصريحات يبدو أنها أصابت كبد الحقيقة.

أستاذ العلوم السياسية لخص الأزمة في بلاده، بقوله في تصريحات صحفية: «الأزمة تتلخص في عجز السلطة عن الإنجاز وعدم قدرة البرلمان على التحرك، وسعي معظم أعضائه لإثبات الذات بشكل فردي».