من يقف وراء تفجير بيشاور وهل له علاقة بالصدام السياسي؟

قال الأستاذ المساعد بجامعة السند الباكستانية، الدكتور عمران علي ساندانو، في تصريحات لـ -السياق-، إنه رغم بيان التبرؤ، فإنه لا يمكن استبعاد تورط حركة طالبان باكستان في تفجير بيشاور.

من يقف وراء تفجير بيشاور وهل له علاقة بالصدام السياسي؟

السياق

على طريق الأزمات الاقتصادية والسياسية، التي تضرب باكستان، كان البلد الآسيوي على موعد مع أزمة جديدة تضاف إلى أزماته، وتفتح الباب على مصراعيه أمام مواجهة أمنية، مصيرها غير معلوم.

تلك المواجهة الأمنية التي ستكون مع تنظيمين يكنان العداء الشديد للبلد الآسيوي، ويتربصان به، مستغلين الثغرة الاقتصادية والأزمة السياسية التي تعانيها باكستان، بابًا للانقضاض عليها، أملًا في تكرار سيناريو أفغانستان.

ذلك السيناريو الذي قد يكون قاب قوسين أو أدنى، إذا نجح تنظيم داعش الإرهابي وحركة باكستان طالبان في تنفيذ مخططهما، سواء بالاتحاد لتنفيذه أم بالعزف كل على وتره.

 

فماذا حدث؟

استيقظ الباكستانيون صباح الاثنين على تفجير «إرهابي» ضرب مسجدًا في مدينة بيشاور الباكستانية، خلف أكثر من 100 قتيل وجريح، وحمل العديد من علامات الاستفهام، خاصة أنه استهدف المدينة التي تعد معقلا لحركة طالبان باكستان، بينما حمل بصمات تنظيم داعش الإرهابي، فرع خراسان، الذي ينشط في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان.

إلا أن ما أثار علامات الاستفهام، ذلك التخبط الذي بدا واضحًا في البيانين اللذين أصدرتهما «طالبان باكستان»، أولهما ذلك الذي أعلنت فيه مسؤوليتها عن التفجير، بينما كان الآخر ممهورًا بتوقيع المتحدث باسم الحركة محمد خراساني، الذي تبرأ فيه من الهجوم الانتحاري.

ذلك التخبط أثار تساؤلات عن أسبابه، فمراقبون فسروه بأن «طالبان باكستان» تحاول أن تنجو بنفسها من الغضب الشعبي جراء هذا الحادث، بينما أثار آخرون تساؤلات من قبيل: هل يمكن أن تعود الحركة إلى وقف إطلاق النار، بالاتفاق مع الأجهزة الأمنية والحكومة الباكستانية، لمواجهة داعش خراسان حال تورط الأخيرة في التفجير؟

إلى ذلك، قال الأستاذ المساعد بجامعة السند الباكستانية، الدكتور عمران علي ساندانو، في تصريحات لـ«السياق»: رغم بيان التبرؤ، فإنه لا يمكن استبعاد تورط حركة طالبان باكستان في تفجير بيشاور، مشيرًا إلى أنه يحمل بصمات الحركة الإرهابية.

 

هل للصدام السياسي علاقة بالتفجير؟

وزعم الأكاديمي الباكستاني، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان وحزبه باكستان تحريك إنصاف، قدموا تسهيلات لحركة طالبان الباكستانية، مشيرًا إلى أن التفجير أحد ملامح الصراع السياسي في البلاد.

وأشار إلى أن حزب عمران خان على علاقة قوية بحركة طالبان الباكستانية، ما يعني أن الأخيرة تحركت لضرب الحكومة الجديدة لصالح حزب «باكستان تحريك إنصاف».

واستبعد ساندانو، نائب الرئيس الأكاديمي بمركز سان بيير للأمن الدولي، التنسيق بين الحكومة وطالبان أفغانستان، لمواجهة طالبان باكستان.

وأكد الأكاديمي الباكستاني أن «طالبان أفغانستان يمكن أن تلعب دور الوساطة فقط بين حكومة باكستان وطالبان الباكستانية»، رافضًا فكرة المواجهة.

واستند في رؤيته إلى أن «حركة طالبان الباكستانية دعمت نظيرتها بأفغانستان في أوقات عصيبة، وساعدتها في صراعها ضد الحكومة».

 

اختراق طالبان باكستان

رؤية أخرى أشار إليها الباحث الأفغاني في شؤون الجماعات الجهادية، الدكتور حسين إحساني، في تصريحات لـ«السياق»، قائلًا إن هناك منتمين لتنظيم داعش «ولاية خراسان»، اخترقوا صفوف طالبان الباكستانية.

وأوضح الباحث الأفغاني، أن عددًا من مقاتلي داعش خراسان انضموا إلى صفوف طالبان باكستان، بعد انهيار النظام الأفغاني، مشيرًا إلى أنهم يمثلون ما سماها «الفروع التكتيكية» التي غالبًا ما تنفذ العمليات الإرهابية.

وبينما حمل إحساني هؤلاء المقاتلين مسؤولية تلك التفجيرات التي شهدتها باكستان، والتي كان آخرها مسجد بيشاور، أكد أن «طالبان باكستان تستفيد من خبرات داعش فرع خراسان، في عمليات التفجير والهجوم على الأماكن العامة والمدنية».

 

تكتيك الحرب العسكرية

وعن تبرؤ المتحدث باسم طالبان الباكستانية محمد خراساني، من الهجوم الانتحاري، قال الباحث الأفغاني في شؤون الجماعات الجهادية، إن الإشكالية ليست من المسؤول عن تلك الهجمات، سواء كانت طالبان باكستان أم داعش، فكلاهما في تقديره يتبعان الاستراتيجية نفسها، لتحقيق الأهداف.

لكنه يرى أن الإشكالية تتمثل في أن صيغة تبرؤ طالبان باكستان من الهجوم على مسجد بيشاور، تشير إلى تمسكهم بتكتيك الحرب العسكرية والدعائية، لإحكام سيطرتهم على باكستان.

 

سيناريو طالبان أفغانستان

تلك الرؤية دفعت الباحث الأفغاني إلى تأكيد أنه لا يستبعد أن تنجح طالبان باكستان، حتى وإن طال الوقت، في السيطرة على البلاد، وتكرار نموذج أفغانستان.

الأمر نفسه أشار إليه مدير مركز اللاعنف والسلام، الباحث في الجماعات الجهادية والحركات الإسلامية، الدكتور محمد صفر، إلا أنه استبعد احتمال نجاح حركة طالبان باكستان في فرض سيطرتها على البلاد، مشيرًا إلى أنه أمر «معقد جدًا بالمعطيات الموجودة في باكستان».

لكن الدكتور صفر عبر، في تصريحات لـ«السياق»، عن مخاوفه من أمرين، أولهما: زيادة العلميات الانتحارية والتفجيرات التي تستهدف مدنيين وغير مدنيين، أما الآخر والأكثر أهمية، فيتعلق بتأثر تماسك وحدة باكستان.

وأكد أن الأسلوب الذي اتبع في التفجير الانتحاري بمسجد بيشاور الباكستانية، يحمل تكتيك داعش.

ورغم ذلك، فإن الدكتور صفر، رجح أن تكون حركة طالبان باكستان المسؤولة عن التفجير الانتحاري، لأنها صاحبة المصلحة في استهداف القوات النظامية أو الجيش الباكستاني، إضافة إلى أن المسجد المستهدف يتبع الشرطة الباكستانية.

من جهة أخرى، قال مدير مركز اللاعنف، إن «داعش» يتجه إلى استهداف المدنيين وليس المقار الأمنية حتى وإن كان ملاحقًا منهم، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي يرى ضرورة التخلص من العدو الأقرب بالنسبة له والأكثر شراسة الذي يقاتله أيدلوجيًا، ممثلًا في حركة طالبان، ثم بعد ذلك مواجهة القوات النظامية بالمنطقة.

 

تقسيم باكستان؟

وحذر مدير مركز اللاعنف من تقسيم للبلاد، لا سيما أن طالبان باكستان ونظيرتها في أفغانستان يربطهما مشروع فكري وأيديولوجي، فضلًا عن الروابط العرقية وطموح البشتون بتمدد دولتهم في الأراضي الباكستانية.