فورين بوليسي: لماذا يجب تصنيف الحرس الثوري الإيراني إرهابيًا؟
فورين بوليسي ترد بالأدلة على رافضي تصنيف حرس إيران الثوري إرهابيًا: لا يختلف عن داعش والقاعدة

ترجمات - السياق
بينما تنوي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة اتخاذ خطوات من شأنها أن تقود لإدراج الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، برزت قضية المجندين الإيرانيين في الحرس كعائق محتمل، يرفع لواءه معارضو تلك الخطوة.
صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية، قالت إن قضية تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية واضحة ومقنعة، مشيرة إلى أن الحرس الثوري ليس جيش دولة، بل منظمة أيديولوجية متطرفة عنيفة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن الطريقة التي يعمل بها الحرس الثوري -من حيث الأيديولوجيا والأنشطة– لا تختلف عن الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك داعش والقاعدة وحزب الله.
وأشارت «فورين بوليسي»، إلى أنه لدى الحرس الثوري الإيراني برنامج تلقين عقائدي رسمي مصمم لـ«تطرف» جميع أعضائه يبني عليه عقيدته، مشيرًا إلى أنه على مدى أكثر من 43 عامًا، كان أسلوب عمل الحرس الثوري الإيراني - ولا يزال- ممارسة الإرهاب والتشدد وأخذ الرهائن واختطاف الطائرات.
عمليات إرهابية
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الحرس الثوري شارك في عمليات إرهابية ضد المدنيين -داخل إيران وخارجها- في ما كان سببًا مباشرًا في تشكيل بعض الجماعات الإرهابية الأكثر دموية في العالم، مثل حزب الله في لبنان.
وتقول «فورين بوليسي»، إن تصاعد النشاط الإرهابي للحرس الثوري الإيراني في أوروبا، أدى إلى جانب الوجود الدعائي المتزايد، المصمم لتغذية التطرف المحلي في أوروبا بطريقة لا تختلف كثيرًا عن «داعش» إلى زيادة الدعوات بتصنيف الحرس الثوري إرهابيًا.
إلا أنه مع ذلك، يزعم المعارضون أن حظر الحرس الثوري الإيراني من شأنه أن يعاقب المجندين، الذين لا يمكنهم تحديد مكان انتشارهم، كجزء من خدمتهم العسكرية الإجبارية لمدة عامين في إيران، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هؤلاء النقاد يشيرون إلى أن عملية اختيار المجندين في الحرس الثوري الإيراني عشوائية، وأن أولئك المجندين في الحرس «ليس لديهم خيار» سوى إكمال خدمتهم الإجبارية.
في المقابل، يجادل معارضو تصنيف الحرس الثوري إرهابيًا، بأن خطوة كهذه من شأنها منع أعضاء الحرس الثوري الإيراني من دخول أوروبا، ما يؤدي إلى معاقبة المجندين بشكل غير عادل.
ومع ذلك، فإن فرضية هذه الحجة تستند إلى «فهم خاطئ» لآلية التجنيد والصياغة التي يستخدمها الحرس الثوري الإيراني للمجندين الإيرانيين، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن هذه العملية في الواقع أكثر دقة وتتطلب الاهتمام.
بنية عسكرية مزدوجة
في إيران، فإنه لزامًا على جميع الأصحاء الذين تزيد أعمارهم على 19 عامًا إكمال الخدمة العسكرية لمدة عامين، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه منذ ثورة عام 1979، كان لطهران بنية عسكرية مزدوجة، منقسمة بين القوات المسلحة النظامية والجيش الأيديولوجي للنظام الديني (الحرس الثوري الإيراني).
وتقول «فورين بوليسي»: في حين أن القوات النظامية كانت تعمل كجيش دولة قومية تقليدي مكلف بحماية وحدة أراضي إيران، فإن الحرس الثوري قوة غير تقليدية مفوضة دستوريًا لفرض ونشر الإيديولوجية المتشددة للنظام في الداخل والخارج من خلال «مهمة أيديولوجية ترفع شعار الجهاد في سبيل الله».
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه بين انضمام نحو 400 ألف مجند إلى القوات المسلحة الإيرانية سنويًا، هناك 50 ألفًا فقط يجندون في صفوف الحرس الثوري الإيراني.
وبدأ الحرس الثوري الإيراني كميليشيا، وحافظ على هويته من خلال الطريقة التي يعمل بها، تقول «فورين بوليسي»، مشيرة إلى أنه بدلاً من الحرب المتكافئة، يظل التشدد، والإرهاب، واحتجاز الرهائن، والاختطاف أسلوب عمل الحرس الثوري الإيراني، فالعام الماضي، أحبطت المملكة المتحدة وحدها، ما لا يقل عن 10 مؤامرات للخطف أو الاغتيال من قبل الحرس الثوري الإيراني.
التلقين الأيديولوجي
وتقول «فورين بوليسي»، إنه مثل الجماعات الإرهابية المتطرفة الأخرى، فإن التلقين الإيديولوجي للمجندين وعائلاتهم أيضًا ركيزة أساسية لعمل الحرس، حيث يمثل التطرف أكثر من 50% من التدريب في الحرس الثوري الإيراني.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن التلقين العقائدي أصبح ركيزة حاسمة بشكل متزايد للحرس الثوري الإيراني بعد الانتخابات الرئاسية عام 1997، عندما تلقى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تقارير تفيد بأن 73% من أعضاء الحرس الثوري الإيراني صوتوا للإصلاحي محمد خاتمي، رغم تأييد خامنئي للإسلامي المحافظ علي أكبر.
بالنسبة لخامنئي، فهذه التقارير تشير إلى أن الجيل الثاني من أعضاء الحرس الثوري الإيراني (1990-2000) يفتقر إلى الولاء والحماس الأيديولوجي الضروري، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن هيكلة التلقين في الحرس الثوري الإيراني، أدت لزيادة تطرف أعضائه من أجل رعاية المزيد من الأجيال المستقبلية المتطرفة.
ورغم ذلك، فإنه عام 2002، زاد الوقت المخصص للتلقين العقائدي في التدريب العام للحرس الثوري الإيراني إلى 20% لجميع رجال الحرس وعائلاتهم، بينما كان من المتوقع أن تزيد -مرة أخرى- إلى 30% عام 2007 - 2008.
علاوة على ذلك، فإن الاحتجاجات المناهضة للنظام عام 2009 دفعت خامنئي إلى مضاعفة جهوده لتشكيل قوة «نقية» أيديولوجية أكثر، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إنه نتيجة لذلك، كثف النظام التلقين العقائدي، مضاعفًا إياه إلى 50% من التدريب في الحرس الثوري الإيراني، مع زيادة التركيز على أكثر العقائد «المتطرفة» عنفاً، ما من شأنه أن يؤتي ثماره للمرشد الأعلى.
الأكثر تطرفًا
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه بين جميع أجيال الحرس الثوري الإيراني، فإن الأجيال الثالثة (2000-2010) والرابعة (2010-2020) من الأجيال الأكثر تطرفًا أيديولوجيًا، مشيرة إلى أن لمضاعفة جهود تشكيل قوة «متشددة» أيديولوجيًا بعد احتجاجات عام 2009 آثارًا مباشرة في دخول الحرس الثوري الإيراني للمجندين.
ولمنع الغرباء من إضعاف الالتزام الأيديولوجي للمجندين الآخرين، أنشأ الحرس الثوري الإيراني عام 2010 نظامًا جديدًا للتقييم والتعيين، سعى إلى قصر تجنيده على الأعضاء النشطين في الباسيج، وهي ميليشيا شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن قوات «الباسيج» تعمل كميليشيا مدنية تطوعية تابعة للحرس الثوري الإيراني، وتعمل كقوة فرض أيديولوجية النظام المتشددة على المجتمع الإيراني.
وأشارت إلى أن أعضاء قوات الباسيج يخضعون للتلقين العقائدي بأمر من الحرس الثوري الإيراني، مؤكدة أن بعضهم شاركوا بالعمليات الإرهابية للحرس في الخارج.
وعلى عكس العقود الماضية، عندما كان بإمكان المجندين إكمال خدمتهم العسكرية المطلوبة مع الحرس الثوري الإيراني، منذ عام 2010 كان أكثر من 70% من المجندين في الحرس الثوري الإيراني أعضاء نشطين في الباسيج، بحسب العقيد غلامالي كولاكاج، الذي يشرف على التوظيف بالفيلق الإقليمي للحرس الثوري الإيراني في خوزستان.
وفي المدن الإيرانية الرئيسة، حيث الطلب على الخدمات العسكرية للحرس الثوري الإيراني أعلى من أي مكان آخر، وصل الرقم إلى 100% من المجندين، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن تجنيد هؤلاء يكون من خلال مناطق الباسيج لنشرهم في فروع أو وكالات مختلفة من الحرس الثوري الإيراني.
آلية التجنيد
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه نظرًا لأن أعضاء الباسيج النشطين الذين تزيد أعمارهم على 15 عامًا مطالبون بإكمال شهرين من التدريب العسكري من قبل الحرس الثوري الإيراني كجزء من خدمتهم، فإن الحرس الثوري الإيراني يعفيهم من التدريب الأساسي كجزء من التجنيد الإجباري.
لذلك، منذ عام 2010، فإن هناك ما لا يقل عن 70% من مجندي الحرس الثوري الإيراني، البالغ عددهم 50 ألفًا متحالفون أيديولوجيًا مع الحرس، لأنهم كانوا منتسبين بشكل استباقي عبر الباسيج، بحسب «فورين بوليسي»، التي تساءلت: ماذا يعني ذلك بالنسبة للـ30% المتبقية من المجندين؟ هل هم مجرد إيرانيين عاديين جرى نشرهم عفويًا في الحرس؟ الإجابة عن هذا السؤال أكثر دقة من «نعم» أو «لا».
فـ«يمكن تقسيم المدخول من نسبة الـ30% المتبقية إلى فئتين: الأولى خريجو الجامعات الحاصلون على ماجستير أو دكتوراه، الذين يكملون نظرًا لشهاداتهم العليا وتخصصاتهم، خدمتهم في التجنيد لمدة عامين من خلال التقدم لوظائف مكتبية من خلال توجيهات (الخدمة المدنية البديلة أو غير العسكرية) من وزارات ووكالات»، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن كل مجند لديه خيار شخصي حول مكان التقدم بطلب للانضمام إلى الخدمة المدنية البديلة أو غير العسكرية. وتشمل وزارات الصحة والصناعة والدفاع والمنظمات التابعة للحرس الثوري الإيراني (ثقافي وسياسي واقتصادي).
وتقول «فورين بوليسي»، إن أولئك الذين في «الخدمة المدنية البديلة أو غير العسكرية» في الحرس الثوري الإيراني سيكونون قد اتخذوا قرارًا استباقيًا للعمل في فروع الحرس الثوري الإيراني خلال عامين من التجنيد رغم سمعته.
وأشارت إلى أنه من الضروري استنتاج أن هؤلاء الأفراد قد تكون لديهم قناعات أيديولوجية تتماشى مع الحرس الثوري الإيراني وأهدافه الشاملة، وتحديد ما إذا كان الفرد قد خدم الخدمة المدنية البديلة أو غير العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، عبر الوثائق ذات الصلة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن أولئك الذين اختاروا بشكل استباقي قضاء مدة تجنيدهم في « الخدمة المدنية البديلة أو غير العسكرية» في الحرس الثوري الإيراني، سيكون لديهم خطاب رسمي من الحرس، وسيكونون على كشوف رواتب الحرس الثوري الإيراني خلال عامين من التجنيد.
في الجهة المقابلة، يقبل الحرس الثوري جنودًا من غير أفراد الباسيج، في بعض المناطق المحرومة والفقيرة، لعدم كفاية عدد أعضاء الباسيج، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إنه عادة ما يكلف هؤلاء بالخدمة في الحرس الثوري الإيراني من قبل منظمة نجا العامة للتجنيد، المسؤولة عن توزيع الأشخاص في القوات المسلحة المختلفة.
ومن المجندين البالغ عددهم 50 ألفًا في الحرس الثوري الإيراني، يشكل هؤلاء الأفراد 20% كحد أقصى من قوة الحرس الثوري، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إنه لن يكون لدى هؤلاء المجندين أي وثائق لـ«الخدمة المدنية البديلة»، كونهم جميعًا حاصلين على شهادة الثانوية العامة أو أقل.
فوائد تصنيف الحرس الثوري إرهابيًا
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، من شأنه منح الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تفويضًا واضحًا لحظر الأنشطة والمحتوى المرتبط بالحرس، وزيادة تدابير الحماية من ممارسات الحرس الثوري الإيراني والتطرف الشيعي، وهو أمر لا تشمله عقوبات الحرس الثوري الإيراني الحالية.
وختمت «فورين بوليسي» تحليلها بقولها، إن الحرس الثوري منظمة متطرفة عنيفة لا تختلف عن «داعش» أو القاعدة، مؤكدة أنها لا تعمل بشكل مختلف، لذلك يجب حظرها كمنظمة إرهابية.
ومن خلال الآليات التي أشارت إليها الصحيفة الأمريكية، ستتمكن الدول الغربية والمجتمع الدولي -على نطاق أوسع- من ضمان عدم استهداف المجندين الإيرانيين العاديين، مشيرة إلى أنه ينبغي ألا يكون التجنيد الإجباري في الحرس الثوري الإيراني عائقاً أمام إدراجه منظمة إرهابية.