رغم أهمية الدبابات.. هل أوكرانيا بحاجة إلى مقاتلات جوية؟
حرب الدبابات الكبرى التي تلوح في الأفق منحت فرصة لأوكرانيا للتقدم على الأرض، ما يثير قلق الروس للغاية.

ترجمات - السياق
رأت شبكة بلومبرغ الأمريكية، أنه رغم الأهمية النوعية للدبابات بالنسبة لأوكرانيا في ساحة المعركة، لصد الهجوم الروسي، فإن كييف بحاجة ماسة أكبر للمقاتلات الحربية الجوية، مشيرة إلى أنه رغم أن المشاة لا تزال "ملكة ساحة المعركة" ، فإن الحرب الحديثة تتطلب قوات آلية ودعمًا جويًا.
كانت وسائل إعلام أمريكية كشف أن هناك مسؤولين عسكريين يضغطون سرًا على وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون"، للموافقة على إرسال مقاتلات طراز إف 16 إلى أوكرانيا، لمساعدتها في الدفاع عن نفسها من هجمات الصواريخ والطائرات المسُيرة الروسية.
إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن –الاثنين- أن الولايات المتحدة "لن تزود أوكرانيا بمقاتلات إف-16"، بعد ساعات من حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إمكانية تزويد كييف بطائرات مقاتلة، لتعزيز قدرتها على التصدي للغزو الروسي.
وأشارت الشبكة الأمريكية، في تحليل للأدميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية جيمس ستافريديس، قائد أعلى سابق لحلف الناتو، وعميد فخري لكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس، إلى أنه، الأسبوع الماضي، تعهد عدد من الدول بتقديم دبابات وناقلات جند مدرعة متطورة للجيش الأوكراني، متساءلة عن الكيفية التي سيستفيد بها الأوكرانيون من هذه الدبابات على الأرض، وهل تكفي لإحداث فرق نوعي في مسار الحرب وحدها، أم أن كييف مازالت بحاجة لدعم جوي لمواجهة التفوق الروسي في هذا الشأن؟
حرب الدبابات
وأوضح ستافريديس أنه خلال الأشهر المقبلة، سيتلقى الأوكرانيون قوة هائلة مما تُعرف بدبابات القتال الرئيسة (وهي دبابات ذات قدرات عالية جدًا ومتطورة).
وتشمل التعهدات الأولية دبابات ليوبارد2 ألمانية الصُنع من عشرات الدول، أهمها ألمانيا وبولندا، ودبابات أبرامز M1-A1 من الولايات المتحدة، ودبابات تشالنغر2 من المملكة المتحدة، بينما وعد الفرنسيون بتقديم ناقلات جند مدرعة من طراز لوكلير، كما سترسل الولايات المتحدة مركبات برادلي القتالية والمدرعة سترايكر عالية السرعة، بينما وعدت دول أوروبية، من إسبانيا إلى السويد، بمركبات مدرعة إضافية.
أما روسيا، فقد كانت هناك تقارير تفيد بأنها تلقت مجموعة من دبابات تي34، عمرها عقود من لاوس.
ورغم وصول الشحنة إلى موسكو منذ سنوات، فإن روسيا أعادت تهيئتها لاستخدامها في ساحة المعركة.
يذكر أن دبابات تي34 تعود صناعتها إلى الحرب العالمية الثانية، إذ منحها الاتحاد السوفييتي حينها لفيتنام، ثم نُقلت في الثمانينيات بعد تجميعها إلى لاوس.
وقد قال مذيع روسي حكومي عنها: "رغم قِدم هذه الدبابات الأسطورية من طراز تي34، فإنها لا تزال تعمل بكل طاقتها".
وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى تدمير مئات الدبابات الروسية بالخطوط الأمامية في الأشهر الأولى من الحرب -معظمها بالصواريخ المضادة للدبابات والطائرات من دون طيار المتطورة التي قدمها مؤيدو أوكرانيا الغربيون- فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أمس الحاجة إلى الدروع القتالية.
وبيّن أن السهول الواسعة لأوروبا الوسطى والشرقية كانت طرقًا سريعة للقوات الآلية طوال القرن العشرين، لافتًا إلى أنه إبان حكم الزعيم الألماني هتلر، استخدم الجيش النازي الدبابات لإطلاق حرب خاطفة دمرت بولندا وهولندا وبلجيكا وفرنسا في الجولات الافتتاحية للحرب العالمية الثانية.
وذكّر باستخدام دبابات بانزر الألمانية بشكل قوي في أوروبا الشرقية (بما في ذلك أوكرانيا) ضد الاتحاد السوفييتي أيضًا.
وأشار ستافريديس إلى أنه -نهاية المطاف- عندما بدأ التفوق الصناعي للحلفاء إنهاك آلة الحرب الألمانية، اندفعت قوات الجنرال جورج باتون الآلية عبر أوروبا، ما ساعد في تقدم الجيش الأحمر نحو برلين، لافتًا إلى أن الدبابات شكلت القوة العسكرية المهيمنة في أوروبا بذكريات الأجيال الأكبر سنًا، ومن ثمّ فقد أثار ظهورهم مجددًا أشباحًا قديمة في موسكو ومنظمة حلف شمال الأطلسي.
يذكر أن جورج سميث پاتون (من 11 نوفمبر 1885 إلى 21 ديسمبر 1945) كان من ألمع الجنرالات الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية، وكانت طريقته المثيرة، وتعليقاته الصريحة عن الشؤون العسكرية والسياسية وسلوكه المتهور قد أكسبته مدح الغربيين له ونقدهم كذلك...!
أشباح ومزايا
ورأى ستافريديس أن حرب الدبابات الكبرى التي تلوح في الأفق منحت فرصة لأوكرانيا للتقدم على الأرض، ما يثير قلق الروس للغاية.
وبيّن أن الدبابات توفر لأوكرانيا ثلاث مزايا رئيسة، أولاً وقبل كل شيء، فإن وحدة قرار الحلفاء بتقديم القوات المدرعة -وإن كان ذلك بعد أسابيع قليلة من الجدل- إشارة قوية للتضامن عبر الأطلسي، ما يرفع معنويات الجنود الأوكرانيين في ساحة المعركة.
كان بوتين يعتمد على أن الحلفاء يعانون نقص الغاز في أوروبا والجماهير الغاضبة لكن التعهدات الأخيرة ( بتقديم الدبابات الحديثة إلى أوكرانيا) نسفت صحة هذه النظرية.
بعد التعهدات بإرسال دبابات حديثة، فإن أوكرانيا تتطلع إلى الطائرات، وفق الكاتب.
العنصر الثاني لقدرات الدبابات الغربية، وأهميتها في ساحة المعركة، كيفية تقديم الدعم للمشاة.
ويرى الكاتب أنه طالما تحدث المحترفون العسكريون عن المشاة بصفتهم "ملوك ساحة المعركة"، لقدرتهم على التحرك في أي اتجاه مثل "الملكة على رقعة الشطرنج"، لكن في ساحة المعركة الحديثة، يمكن أن تكون هذه المناورة بطيئة جدًا بلا درع ميكانيكية.
واستطرد: "يجب أن تكون القوات الأوكرانية، المزودة بالدبابات للدعم الناري المتحرك، جنبًا إلى جنب مع ناقلات الجند المدرعة عالية السرعة نسبيًا وسترايكر، قادرة على التحرك بسرعة لأعلى ولأسفل لمئات الأميال من خط ساحة المعركة في دونباس لوقف أي هجوم روسي".
وأخيرًا ، يمكن تركيز الدبابات وناقلات الجند المدرعة واستخدامها لضرب الخطوط الأمامية الروسية، في الوقت الذي يختاره الأوكرانيون، لكن مع القوة الكافية، يمكنهم اختراق الخطوط الروسية والقيادة إلى ساحل البحر الأسود.
ويشير الكاتب إلى أن ذلك سيؤدي إلى انقسام القوات الروسية، وتفسخ جوانبها، وتعقيد لوجستياتها، بخلاف عزل القوات الروسية في شبه جزيرة القرم عن روسيا.
إلا أن ستافريديس لم يستبعد وجود بعض المخاطر للاعتماد فقط على الدبابات، مشيرًا إلى أنه سيكون من الصعب تدريب الأطقم الأوكرانية بسرعة، ليس فقط في العمليات الفردية لأنواع من الدبابات وناقلات الجند المدرعة، لكن أيضًا بكيفية دمجهم في قوة قتالية واحدة.
وأفاد بأن الخدمات اللوجستية من الدول المانحة، بعد تسليم الدبابات للأوكرانيين ستكون صعبة أيضًا، بخلاف أن المركبات قد لا يظهر مفعولها الكبير سريعًا، وإنما من المؤكد أن تعيقها بعض الأزمات اللوجستية العادية، المتمثلة في طريقة الاستخدام، والتحرك على الأرض غير الممهدة.
حسب الكاتب -أيضًا- تمثل الصيانة والوقود تحديًا كبيرًا، لا سيما لدبابات أبرامز، بمحركها النفاث الذي يعمل بالطاقة التوربينية ومجموعة القيادة والتحكم المعقدة.
يذكر أن دبابة أبرامز باهظة الثمن، ولها محرك نفاث يعمل على وقود الطائرات، وتحتاج إلى 11 لترًا من وقود الطائرات لقطع ميل واحد.
كما أن استخدام الدرع بأسلوب القتال المشترك -لتجنُّب المعاناة من نوع الدبابات "حقول القتل" التي أنشأها الأوكرانيون حول كييف في الأشهر الأولى- سيكون تحديًا حاسمًا.
أمام هذه التحديات، يرى ستافريديس أن وصول الدبابات يستدعي مزيدًا من الطائرات المقاتلة في الأجواء، لا سيما طائرات ميكويان ميغ29 التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وطائرات إف 16 الأمريكية.
وأشار إلى أنه للآن، أوقف الغرب توريد الطائرات، لكن هذا الجدل سيشتعل قريبًا، مشددًا على أنه في حين أن إضافة الدبابات أمر بالغ الأهمية، فإن القوة الجوية القتالية قد تكون حاسمة.
وأضاف: "بعد أن أمضيت سنوات قائدًا أعلى لحلف شمال الأطلسي، في دراسة خطط الحرب الأوروبية وتاريخ حرب الدبابات في القارة، لا أستطيع أن أتخيل تشغيل تلك القوة المدرعة بلا غطاء جوي كافٍ".
واستطرد: "لا تزال ذكريات حرب الدبابات تطارد أوروبا، يجب أن يصبح وصول المدرعات الغربية بأعداد كبيرة إلى أوكرانيا، كابوس بوتين التالي".