خلاف الجيش والدعم السريع... إلى أين يقود السودان؟
قال الجيش السوداني في بيان، إن البلاد تمر بمنعطف تاريخي وخطير. وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن.

السياق
خلافات خطيرة تربك الوضع في السودان، وتزيد خلافاته، وما زاد الأمر تعقيدًا، الخلاف الذي طرأ بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد حشد الأخير قواتها داخل العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات، وفي محيط مطار مروي الاستراتيجي.
موافقة الجيش
وقال في بيان في ساعة مبكرة من صباح الخميس، إن البلاد "تمر بمنعطف تاريخي وخطير. وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن".
وأوضح البيان الذي أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة: "يقع على عاتق القوات المسلحة دستورا وقانونا، حفظ وصون أمن وسلامة البلاد، يعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة، وقد نظمت القوانين كيفية تقديم هذا العون، بناء على ذلك وجب علينا أن ندق ناقوس الخطر".
واعتبرت القوات المسلحة أن "التحركات والانفتاحات (التي نسبها إلى قوات الدعم السريع) تمت من دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها، مما أثار الهلع والخوف في أوساط مواطنين، وفاقم من المخاطر الأمنية، وزاد من التوتر بين القوات النظامية".
وتابع البيان: "مواطنينا الكرام. لم تنقطع محاولات القوات المسلحة في إيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات، وذلك حفاظا على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس، لأن هذه الانفتاحات وإعادة تمركز القوات يخالف مهام ونظام عمل قوات الدعم السريع، وفيه تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية، واستمرارها سيؤدي حتما إلى المزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد".
وختم: "تجدد القوات المسلحة تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي وفقا لما تم في الاتفاق الإطاري، وتحذر القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية، التي لم تبخل تحقيقها بتقديم المهج والأرواح رخيصة لينعم السودان بالأمن والاستقرار. عاش الشعب السوداني حرا أبيا. عاشت قواتنا المسلحة درعا وحصنا للوطن".
بيان الجيش .#السودان pic.twitter.com/FvvKvWTy0Q
— داليا الطاهر- Dalia Eltahir (@dalia_eltahir) April 13, 2023
تعزيزات عسكرية
ونقلًا عن صحف محلية، فإن الجيش السوداني رد على قوات الدعم السريع، نشر تعزيزات عسكرية في الخرطوم، وسط توترات كبيرة بين الجانبين على أصعدة أمنية وسياسية.
من ناحيتها نفت قوات الدعم السريع، بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الملقب بحمدتي، قيامها بـ"أعمال حربية" في محيط مطار مدينة مروي، شمالي البلاد.
وذكر البيان أن "الدعم السريع قوات قومية تضطلع بعدد من المهام والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون"، لافتاً إلى أنها "تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن، لتحقيق الأمن والاستقرار، ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر، والهجرة غير المشورعة، ومكافحة التهريب والمخدرات، والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت".
ووصفت ما قيل في هذا الشأن بالأحاديث الكاذبة والمضللة.
وبينت أن وجودها بالولاية الشمالية وفي مدينة مروي، يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات، في إطار تأدية مهامها وواجباتها التي تمتد حتى الصحراء.
ودعت المواطنين ووسائل الإعلام، إلى عدم الانسياق وراء المعلومات الكاذبة، وحذرت ما سمتها الجهات التي تعمل على فبركة وترويج الشائعات وبثها، من أنها ستلاحقها قانونياً، مؤكدة أنه "لا مجاملة في أمن وسلامة الوطن".
مطالبات الانسحاب
وطالب الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالانسحاب من الشوارع، لكن حسب تقارير لوسائل إعلام، فإن القوات لم تستجب -حتى الآن- وسط أنباء عن قرب عقد اجتماع لمجلس الأمن والدفاع السوداني بحضور قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو.
ويعيش السودان أزمة سياسية، يخشى كثيرون أن تتحول لمواجهات مسلحة بين القوات العسكرية.
وأشارت صحيفة سودان تربيون إلى أن قوات الدعم السريع بدأت -الأحد الماضي- نقل آليات عسكرية ثقيلة من منطقة زرق بولاية شمال دارفور إلى العاصمة الخرطوم، كما أرسلت أعداداً كبيرة من جنودها إلى مروي بالولاية الشمالية، من دون إخطار الجيش، وتمركزت بالقرب من القاعدة الجوية.
يتزامن ذلك مع انتهاء الموعد المحدد لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، فوفقًا للزمن الذي اتفقت عليه المكونات السياسية والعسكرية، كان من المفترض الإعلان عن رئيس وزراء جديد ومناصب أخرى، الثلاثاء، 11 أبريل 2023، أي قبل يومين.
كلمة البرهان
لكن الأطراف فشلت في توقيع الاتفاق الإطاري الذي أعلن قبل أشهر، بسبب الخلافات على آلية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، ما أجج الانقسامات بين حميدتي وقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
البرهان من ناحيته أكد ضرورة قيام جيش موحد، وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الأربعاء، خلال لقاء مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي آنيت فيبر، وسفير الاتحاد الأوروبي أيدن أوهارا، إن "استقرار البلاد يرتكز على قيام جيش وطني موحد عبر تنفيذ إصلاح المنظومة الأمنية وإعادة الدمج".
جاء ذلك نقلًا عن بيان لمجلس السيادة، أشار إلى أن البرهان شرح -خلال اللقاء- تطورات العملية السياسية، والتزام المؤسسة العسكرية بها.
وذكر البيان أن رئيس المجلس أكد "ضرورة إكمال عملية التوافق السياسي والوطني، وأهمية تحقيق الاستقرار للسودان، كجزء من منظومة الاستقرار الإقليمي في المنطقة".
من جانبها جددت، آنيت فيبر، في تصريح صحفي، دعم الاتحاد الأوروبي للعملية السياسية في السودان، ودعت كل الأطراف للمضي قدماً نحو اتفاق سياسي يفضي إلى حكومة انتقالية، وعبرت عن تفاؤلها بإمكانية التوصل لاتفاق طالما توافرت الإرادة السياسية.
الاتفاق المعطل
الأحداث في السودان ليست وليدة الأمس، بل جاءت بعد أشهر من التعقيدات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكانت الأحداث التي جرت مؤخرًا منذرة بأن توترات قريبة على وشك الحدوث.
وقبل أيام أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، عن قلقه من تصاعد التوتر في السودان، داعيًا جميع الأطراف إلى تكثيف جهودهم، لعودة حكومة المدنيين.
وانطلقت تظاهرات في السودان قبل أيام، بعدما أدت الخلافات بين العسكريين وقوات شبه عسكرية، إلى تأجيل جديد لاتفاق يمهد لخروج البلاد من الأزمة.
كان تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي يمثل القوى المدنية، قد دعا إلى التظاهر بعد هذا التأجيل الجديد لتوقيع الاتفاق بين المكونات المدنية والعسكرية.