أسلحة تلهب الميدان وتصعيد يضع خطة السلام في مأزق.. ما جديد الأزمة الأوكرانية؟
في زيارة مفاجئة، وصل الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى المملكة المتحدة، في أول زيارة له إلى لندن، منذ العملية العسكرية الروسية.

السياق
على أبواب عامها الثاني، تقف الأزمة الأوكرانية من دون حل يلوح في الأفق، بينما التصعيد الميداني على أشده، وسط استعداد البلدين المتحاربين إلى هجوم أواخر الشتاء، أو على أقصى تقدير في الربيع المقبل.
ذلك الهجوم الذي تعده روسيا أحد الأسباب للضغط على أوكرانيا لقبول السلام وفق الأوضاع الحالية، بينما تنظر إليه كييف على أنه هجمة مضادة، قد تنتشلها من مصير غامض، وتزيح عنها ضغوطًا أوروبية وغربية، تطالبها بنجاحات ميدانية، لاستئناف مساعداتها العسكرية.
وانتظارًا للهجومين، سعت روسيا إلى إرسال التعزيزات العسكرية إلى شرقي أوكرانيا، أملًا بكتابة الفصل التالي من الأزمة، بينما هرول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي –الأربعاء- إلى المملكة المتحدة، في ثاني زيارة خارجية له منذ العملية العسكرية الروسية على بلاده قبل عام تقريبًا.
فماذا عن تطورات الأزمة؟
زعم الجيش الأوكراني –الثلاثاء- أن الأربع والعشرين ساعة الماضية كانت الأكثر «دموية» للقوات الروسية، مشيرًا إلى أن حصيلة القتلى العسكريين الروس زادت بـ 1030 بين عشية وضحاها إلى 133190، وهي أكبر زيادة في عدد القتلى العسكريين الروس يوميًا منذ بدء الحرب في فبراير 2022، على حد قوله.
بينما قالت روسيا إنها قتلت أعدادًا كبيرة من القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، مدعية أنها تسببت في قتل 6500 أوكراني في يناير الماضي.
وبينما لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، لكن القتال خلال الفترة الماضية كان الأكثر دموية حتى الآن، في تمهيد من الجانبين لحملة متصاعدة من حرب الخنادق شرقي أوكرانيا.
وفي محاولة من روسيا، للاستعداد لهجومها الجديد، الذي من المرتقب أن يبدأ الأسبوع المقبل، قال حاكم أوكراني إن روسيا ترسل تعزيزات إلى شرقي أوكرانيا، على امتداد جبهة تشهد معارك ضارية منذ أشهر.
وتتوقع أوكرانيا هجومًا كبيرًا يمكن أن تشنه روسيا لأسباب «رمزية» مع اقتراب الذكرى السنوية للعملية العسكرية الروسية في 24 فبراير.
انتشار روسي
وقال سيرهي جايداي حاكم منطقة لوجانسك، في تصريحات نشرتها صحيفة الغارديان: «نشهد نشر مزيد ومزيد من الاحتياطات الروسية في اتجاهنا، ونشهد إدخال المزيد من العتاد».
وأضاف حاكم منطقة لوجانسك: «إنهم يجلبون ذخيرة تُستخدم بشكل مختلف عن ذي قبل، لم يعد هناك قصف على مدار الساعة. بدأوا يوفرون جهدهم.. استعدادًا لهجوم واسع النطاق. سيستغرق الأمر -على الأرجح- عشرة أيام لحشد الاحتياطات. بعد 15 فبراير الجاري، نتوقع هذا الهجوم في أي وقت».
وبينما وصلت الحرب إلى نقطة محورية، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لها، إذ لم تعد أوكرانيا تحقق مكاسب مثلما فعلت في النصف الثاني من عام 2022، تدفع روسيا بمئات الآلاف من قوات الاحتياط التي حشدتها.
يأتي ذلك، بينما تخطط أوكرانيا لشن هجوم في الربيع لاستعادة الأراضي المفقودة، لكنها تنتظر أن يسلمها الغرب ما وعد به من صواريخ بعيدة المدى ودبابات قتال.
وفي سبيل تحقيق ذلك، كشف الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن خطة عبر محورين، أولهما تغيير العسكريين على الحدود وخط المواجهة، الذي سيعزز الجهود العسكرية لأوكرانيا، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل وزير دفاعه.
على الجبهة الأخرى، أعلنت ألمانيا والدنمارك وهولندا أنها تخطط لتزويد أوكرانيا بما لا يقل عن 100 دبابة قتال من طراز ليوبارد، بينما قال وزراء دفاعه هذه الدول إن شحنة ليوبارد1 الأقدم كانت جزءًا من جهد «لدعم أوكرانيا في مساعيها لمواجهة العدوان الروسي»، على أن يكون تسليمها خلال الأشهر المقبلة، وتشمل الدعم اللوجستي والتدريب.
وقالت وزارة الدفاع الألمانية إن دبابات ليوبارد 2A6 ستكون متاحة لأوكرانيا نهاية مارس المقبل، بينما قال رئيس شركة Rheinmetall الألمانية لتصنيع الأسلحة إنها تتوقع إرسال 20 إلى 25 دبابة Leopard 1 إلى أوكرانيا هذا العام.
وفي زيارة دعم مفاجئة، حل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ضيفًا على كييف الثلاثاء، بينما قال مسؤول الأمن القومي الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، إنه واثق بأن بلاده ستتلقى -نهاية المطاف- طائرات مقاتلة أمريكية من طراز إف -16.
زيلينيسكي في بريطانيا
في محاولة من كييف لمناشدة الحلفاء تكثيف دعمهم العسكري، قال قصر باكنغهام إن الملك تشارلز الثالث سيعقد اجتماعًا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي حل ضيفًا على بريطانيا.
وفي زيارة مفاجئة، وصل الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى المملكة المتحدة، في أول زيارة له إلى لندن، منذ العملية العسكرية الروسية، ليلقي كلمة أمام البرلمان ويلتقي رئيس الوزراء ريشي سوناك والقوات الأوكرانية التي تدربها القوات المسلحة البريطانية.
«خنق» روسيا
وحثت بولندا ودول البلطيق الاتحاد الأوروبي على مصادرة أصول الدولة الروسية المجمدة، لإعادة إعمار أوكرانيا «في أقرب وقت ممكن»، ما زاد الضغط للتصرف بشأن مسألة مشحونة قانونًا.
وقبل قمة الاتحاد الأوروبي التي تستمر يومين، والتي تناقش العملية العسكرية الروسية، قال قادة بولندا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا: «من أجل أن تكون ذات مصداقية بشأن هذه المسألة في ما يتعلق بأوكرانيا، كان على الكتلة أن تذهب إلى أبعد مما كان، بالالتزامات وتسريع عملنا في المجلس».
وتقول «الغارديان»، إن مجموعة الدول الرباعية، تريد من الحلفاء الأكثر صراحة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، استخدام 300 مليار يورو من احتياطات البنك المركزي المجمدة لروسيا لمساعدة النازحين في أوكرانيا وإعادة بناء البلاد.
وقالت الدول الأربع، في رسالة مشتركة اطلعت عليها «الغارديان»، موجهة إلى زعيمي الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين وتشارلز ميشيل: «يجب استخدام هذه الأصول المجمدة في أسرع وقت ممكن، ولا يمكننا الانتظار حتى انتهاء الحرب وتوقيع اتفاقية سلام».
وفي نوفمبر الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية إنشاء هيكل لإدارة 300 مليار يورو من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة و19 مليار يورو من أموال الأوليغارشية الروسية، بموجب عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولون إن العائدات فقط هي التي يمكن أن تذهب إلى أوكرانيا، وسط حالة من عدم اليقين بشأن شرعية مصادرة الأموال، بينما تذهب بولندا ودول البلطيق إلى أبعد من ذلك، بحجة أنه «يجب استخدام الأصول لتغطية تكاليف العدوان الروسي على أوكرانيا».
ومن المرجح أن تُطرح الفكرة في قمة الاتحاد الأوروبي الخميس، التي من المتوقع أن يحضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أول زيارة له لبروكسل منذ العملية العسكرية الروسية.
خطة سلام زيلينسكي
زيارة زيلينسكي المفاجئة إلى المملكة المتحدة -التي لم يتسرب موعدها- سترفع التوقعات بأنه سيذهب إلى بروكسل الخميس، بينما تظهر مذكرة جدول أعمال غير منشورة، أن البرلمان الأوروبي قرر -الثلاثاء- عقد جلسة عامة في اللحظة الأخيرة الخميس، ما يشير إلى أن زيلينسكي يمكن أن يخاطب أعضاء البرلمان الأوروبي.
ومن المتوقع أن يصدق زعماء الاتحاد الأوروبي في القمة على خطة سلام زيلينسكي المكونة من عشر نقاط، التي تدعو إلى انسحاب القوات الروسية، واستعادة حدود أوكرانيا، وإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة جرائم الحرب الروسية.
ومن المقرر أيضًا أن يعرب القادة الأوروبيون –الخميس- عن دعمهم «لقمة صيغة سلام تهدف إلى تنفيذ خطة السلام»، وفقًا لمسودة نتائج القمة. كما تشير الوثيقة إلى أن: «روسيا لم تظهر أي رغبة حقيقية في ما يتعلق بسلام عادل ومستدام».
من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتز –الأربعاء- إنه على قناعة بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لن يحقق أهدافه بالحرب في أوكرانيا، في ساحة المعركة، ولا من خلال فرض معاهدة سلام»، مشددًا على وحدة الحلفاء الغربيين في دعمهم لكييف.
وقال شولتز في خطاب أمام نواب البوندستاغ، قبل قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «هذا ما يمكننا ملاحظته بعد عام من الحرب».
عقوبات بريطانية
في السياق نفسه، فرضت المملكة المتحدة -الأربعاء- حزمة جديدة من العقوبات على قطاع الدفاع الروسي، بحسب وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، الذي قال إن العقوبات الجديدة على المنظمات التي يعتمد عليها الجيش الروسي، من شأنها تسريع الضغط الاقتصادي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتقويض آلته الحربية لمساعدة أوكرانيا في الانتصار.
وتستهدف العقوبات الإضافية -بشكل خاص- ستة كيانات تزود معدات عسكرية مثل المسيرات لاستخدامها خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما تتعلق بثمانية أفراد ومنظمة مرتبطة «بشبكات مالية سيئة تساعد في الحفاظ على الثروة والسلطة بين نخب الكرملين»، بحسب بيان للحكومة البريطانية.
وأضاف كليفرلي: «أنا مصمم، بالتوافق مع قوانيننا، على ألا تتمكن روسيا من الوصول إلى الأصول التي جمدناها حتى تتوقف نهائياً عن تهديد سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها».
روسيا تحذر
في المقابل، حذر وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، من أن إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا تعمل بشكل فعال على «جر» حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الصراع، ما قد يؤدي إلى «مستوى تصعيد لا يمكن التنبؤ به».
وفي تصريحات خلال مكالمة هاتفية مع مسؤولين عسكريين، اتهم شويغو الولايات المتحدة وحلفاءها بـ«محاولة إطالة أمد الصراع قدر الإمكان، من خلال تزويد كييف بأسلحة هجومية ثقيلة».