توافق مسيحي على ترشيح جهاد أزعور للرئاسة.. هل يخسر حزب الله الرهان؟
يصف جو حمورة الباحث اللبناني، جهاد أزعور، بأنه مرشحٌ بلا صوت، إذ لم يظهر على شاشة واحدة ليقول لأحد أي شيء، في مسألة حقوق المرأة مثلاً، ولا في قضية اللاجئين، ولا بالتحقيق في انفجار المرفأ.

السياق
بعد أكثر من سبعة أشهر على الشغور الرئاسي، حدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الرابع عشر من يونيو الجاري، موعدًا لعقد جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد ساعات على إعلان ثلاثة أحزاب مسيحية، توافقها على ترشيح جهاد أزعور للرئاسة.
ومن المنتظر أن يواجه وزير المالية الأسبق جهاد أزعور، مرشح الثنائي الشيعي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
فمنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، نهاية أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني -على مدى 11 جلسة- في انتخاب رئيس، وسط انقسام بين فريق مؤيد لحزب الله، وآخر معارض له، وتباينات داخل كل فريق، ووجود مستقلين.
ويقول محللون إن قرار بري تحديد موعد لعقد جلسة انتخاب الرئيس، يعود -في جانب منه- إلى ضغوط نواب المعارضة، وأيضًا خشية رئيس مجلس النواب من تعرضه لعقوبات غربية، على خلفية اتهامات قد توجه له بتعطيل الاستحقاق.
مخاوف بري ليست من فراغ، لأن الولايات المتحدة هددت بفرض عقوبات على معطلي الاستحقاق الرئاسي، وخصت رئيس مجلس النواب للمرة الثانية بالاسم، في عداد المستهدفين بالقرار.
وتقول وسائل إعلام، إن بري حتى لو لم يكن مباليًا بالعقوبات الأمريكية -كما أظهر- فإن نجاح قوى المعارضة في التوصل إلى مرشح توافقي، جعله أمام أمر واقع بتحديد موعد لجلسة انتخاب الرئيس.
وقال مكتب بري الإعلامي: "إنه دعا إلى عقد الجلسة في الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الأربعاء، الرابع عشر من يونيو الجاري.
ثمرة توافق
منذ أسابيع تسعى أبرز الاحزاب المسيحية، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، إلى التوافق على أزعور في بلد تتوزع فيه الرئاسات الثلاث الأولى على قاعدة مذهبية: رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسُّنة.
يأتي إعلان ترشيح أزعور إثر اتصالات مكثفة بين كتل معارضة والتيار الوطني الحر، حليف حزب الله المسيحي الأبرز، الذي عارضه في مسألة رئاسة الجمهورية.
ويقول مراقبون، إن ترشيح أزعور جاء ثمرة توافق جمع بين تأييد حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل، وهما أكبر قوتين مسيحيتين في البرلمان، إلى جانب حزب الكتائب بقيادة سامي الجميل.
وخلال مؤتمر صحفي، تلا النائب مارك ضو بياناً باسم 32 نائباً، أعلن فيه ترشيح أزعور "كمرشح تلاق وسطي غير استفزازي لأي مكون سياسي في البلاد".
ويمثل الـ32 نائبًا كتلاً معارضة، أبرزها حزبا القوات اللبنانية، الذي يملك كتلة برلمانية وازنة، والكتائب المسيحيان، فضلاً عن النائب ميشال معوض ونواب مستقلين وآخرين ينتمون لكتلة التغييريين، المنبثقة من الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية عام 2019.
وسبق أن دعم هؤلاء معوض، الذي كان أول من ترشح للمنصب، قبل أن يعلن سحب ترشيحه لإتاحة الفرصة أمام أزعور.
توافق مسيحي
وعقدت آخر جلسة برلمانية لانتخاب رئيس للجمهورية، في الثاني عشر من يناير الماضي، وبعد ذلك توقفت الجلسات بسبب الخلافات على مواصفات المرشحين، وكان الثنائي الشيعي يراهن على أن تنتهي أزمة هوية الرئيس، بخضوع القوى الرافضة لفرنجية، لكن التوافق الذي كان بين القوى المسيحية في لبنان وضعهم أمام اختبار صعب.
ولم يكن عليه في البداية توافق من القوى المسيحية، وحسب نظام المحاصصة الطائفية اللبناني، فإن رئيس الجمهوري يكون "مسيحيًا" متوافقًا عليه من الأطراف السياسية.
وقال حزب القوات اللبنانية -في مقال بموقعه- إن أزعور ليس الرئيس الحلم، لكن أسبابًا عدة دفعتنا إلى تبني ترشيحه، منها علاقاته الدولية وخبرته الاقتصادية، آملين أن "ينقذ لبنان من انهيارها".
من هو أزعور؟
أزعور مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وقد كان وزير المال اللبناني بين عامي 2005 و2008.
وحسب موقع الحرة الأمريكي، فإنه حاصل على دكتوراه في العلوم المالية الدولية، ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، من معهد الدراسات السياسية في باريس، وله أبحاث تتّصل بالاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي في جامعة هارفارد.
كان وزير المالية في حكومة فؤاد السنيورة بين عامي 2005 و2008، الفترة التي نسق خلالها، بحسب صفحة صندوق النقد الدولي، "تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية" وشارك في إعداد مؤتمري باريس 1 و2.
يبغ من العمر 57 عامًا، وشغل مناصب عدة في القطاع الخاص، منها في شركة ماكينزي وبوز آند كومبانيو وكان مديرًا شريكـًا في شركة إنفنتيس بارتنرز للاستشارات والاستثمار.
مرشح بلا صوت
بدوره يرى جو حمورة، الباحث والصحفي اللبناني، أن جهاد أزعور، دائماً ما يفضل ممارسة السياسة والمفاوضات بعيداً عن الكاميرا والرأي العام، مشيرًا إلى أنه "مرشحٌ لا يعرف أي لبناني رأيه بأي شيء، في مسألة تجبّر السلاح غير القانوني على اللبنانيين، ولا بحقوق المرأة، ولا في قضية اللاجئين، ولا بالتحقيق في انفجار المرفأ، ولا في مسألة الإصلاح الاقتصادي، ولا في شكل علاقات لبنان الخارجية".
ووصف حمورة، جهاد أزعور، بأنه مرشحٌ بلا صوت، إذ لم يظهر على شاشة واحدة ليقول لأحد أي شيء، مشيرا الى أن جلّ ما فعله أنه تحوّل إلى نقطة تلاقٍ بين قوى المعارضة وحزبيّ التيار الوطني الحر والطاشناق.